الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          4174 - (ع) : عمار بن ياسر العنسي ، أبو اليقظان مولى بني مخزوم ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمه سمية بنت خياط ، ويقال : بنت سلم من لخم ، وكانت أمة لأبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وكان أبوه ياسر قدم من اليمن إلى مكة ، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة وزوجه مولاته سمية ، فولدت [ ص: 216 ] له عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة ، وكان سلمة بن الأزرق أخاه لأمه .

                                                                          أسلم بمكة قديما هو وأبوه وأمه ، وكانوا ممن يعذب في الله ، فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون ، فقال : صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة .

                                                                          وقتل أبو جهل سمية طعنها بحربة في قبلها ، فكانت أول شهيد في الإسلام .

                                                                          وقال مسدد : لم يكن في المهاجرين أحد أبواه مسلمان غير عمار بن ياسر .

                                                                          شهد بدرا ، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهاجر إلى أرض الحبشة ، ثم إلى المدينة ، وفيه أنزل الله عز وجل : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .

                                                                          روى عن :النبي صلى الله عليه وسلم (ع) ، وعن حذيفة بن اليمان (م) .

                                                                          روى عنه : ثروان بن ملحان ، وجابر بن عبد الله ، وحبة العرني ، وحبيب بن صهبان الأسدي (بخ) ، وحسان بن بلال المزني (ت ق) ، والحسن البصري (د) ولم يسمع منه ، وخلاس بن عمرو الهجري (ت) ، ورياح بن الحارث النخعي ، وزر بن حبيش الأسدي ، والسائب (س) والد عطاء بن السائب ، وسعيد بن المسيب ، وسلمان الأغر ، وابن ابنه سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر (د ق) على خلاف فيه ، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي (خ م) ، وصلة بن زفر العبسي (4) ، وأبو الطفيل عامر بن واثلة [ ص: 217 ] الليثي ، وعائش بن أنس البكري (عس) ، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن سلمة المرادي ، وعبد الله بن عباس (د س) ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود (س ق) ، وعبد الله بن عنمة المزني (د س) ، وعبد الله بن أبي الهذيل (س) ، وعبد الرحمن بن أبزى (ع) ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (د ق) ولم يدركه ، وعلقمة بن قيس النخعي ، وعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وعمرو بن غالب الهمداني (ت) ، وقيس بن عباد البصري (م س) ، ومحمد بن خثيم المحاربي (ص) ، ومحمد بن علي بن أبي طالب ابن الحنفية (ص) ، وابنه محمد بن عمار بن ياسر (د) على خلاف فيه ، والمستظل بن حصين ، وميمون بن أبي شبيب (بخ) ، وناجية بن كعب العنزي (س) ، ونعيم بن حنظلة (بخ د) ، وهمام بن الحارث النخعي (خ) ، والوضيء ، ويقال : الوضين ، ويحيى بن يعمر البصري (د ت) ، ويزيد بن خثيم المحاربي ، وأبو أمامة الباهلي ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (س) ، وأبو راشد (د) ، وأبو مالك الغفاري ، وأبو مريم الأسدي (خ ت) ، وأبو موسى الأشعري (م د س) ، وأبو لاس الخزاعي ، وله صحبة .

                                                                          قال محمد بن سعد : ومن حلفاء بني مخزوم عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الورد بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن ثامر بن عنس ، وهو زيد بن مالك بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان [ ص: 218 ] بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان .

                                                                          وبنو مالك بن أدد من مذحج .

                                                                          كان قدم ياسر بن عامر وأخواه الحارث ومالك من اليمن إلى مكة يطلبون أخا لهم ، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن وأقام ياسر بمكة ، وحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وزوجه أبو حذيفة أمة له يقال لها : سمية بنت خياط ، فولدت له عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة .

                                                                          ولم يزل ياسر وعمار مع أبي حذيفة إلى أن مات ، وجاء الله بالإسلام ، فأسلم ياسر وسمية وعمار وأخوه عبد الله بن ياسر ، وكان لياسر ابن آخر أكبر من عمار وعبد الله يقال له : حريث ، قتلته بنو الديل في الجاهلية ، وخلف على سمية بعد ياسر الأزرق ، وكان روميا غلاما للحارث بن كلدة الثقفي وهو ممن خرج يوم الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع عبيد أهل الطائف ، وفيهم أبو بكرة ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فولدت سمية للأزرق سلمة بن الأزرق ، وهو أخو عمار لأمه .

                                                                          ثم ادعى ولد سلمة وعمرو وعقبة بني الأزرق أن الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبي شمر من غسان ، وأنه حليف لبني أمية ، وشرفوا بمكة وتزوج الأزرق . وولده في بني أمية ، وكان له منهم أولاد .

                                                                          وكان عمار يكنى أبا اليقظان ، وكان بنو الأزرق في أول أمرهم يدعون أنهم من بني تغلب ثم من بني عكب ، ويصحح هذا أن جبير بن مطعم تزوج إليهم امرأة ، وهي بنت الأزرق ، فولدت له بنية تزوجها سعيد بن العاص ، فولدت له عبد الله بن سعيد ، فمدح الأخطل عبد الله بن سعيد بكلمة طويلة فقال فيها :

                                                                          [ ص: 219 ]

                                                                          ويجمع نوفلا وبني عكب كلا الحيين أفلح من أصابا



                                                                          ثم أقدتهم خزاعة ودعوهم إلى اليمن وزينوا لهم ذلك وقالوا : أنتم لا يغسل عنكم ذكر الروم إلا أن تدعوا أنكم من غسان فأنتم إلى غسان بعد .

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة نحو ذلك . وقال أبو بكر ابن البرقي : شهد بدرا والمشاهد كلها . ويقول من ينسبه : عمار بن ياسر بن عمار بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن ثعلبة بن عمرو بن جارية بن يام بن مالك بن عنس . وهذا النسب في غير موضع ، وهو المشهور . وأمه سمية بنت سلم من لخم .

                                                                          وكان أصلع في مقدم رأسه شعرات وفي قفاه شعرات . ذكر ذلك محمد بن ثور عن معمر عن زياد بن جبل عن أبي كعب الحارثي . جاء عنه من الحديث بضعة وعشرون ، وأكثرها لأهل الكوفة ، وثلاثة أحاديث لأهل المدينة .

                                                                          وقال الواقدي عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار [ ص: 220 ] بن ياسر عن أبيه ، عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمار بن ياسر أنها وصفت عمار بن ياسر ، فقالت : كان طويلا مضطربا ، أشهل العينين بعيد ما بين المنكبين ، لا يغير شيبه .

                                                                          وقال عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة : رأيت عمارا يوم صفين شيخا كبيرا آدم طوالا آخذ الحربة بيده ، ويده ترعد ، وفي رواية : ترعش .

                                                                          وقال كليب بن منفعة عن سليط بن سليط الحنفي : كنت مع علي بن أبي طالب وأنا يومئذ حدث السن ، ولحداثتي لا أعرف عمارا ، فبينا أنا ذات يوم قاعدا بالكناسة إذ خرج علينا رجل آدم طوال جعد الشعر وفيه حبشية فسلم ثم تأمل الناس ، وقال : ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ما أحسن أن يقول العبد : سبحان الله عدد كل ما خلق ، فتكتب كما قال .

                                                                          ثم انصرف فوصفت صفته ، فقالوا : هذه صفة عمار أو قالوا : هذا عمار .

                                                                          وقال الحاكم أبو أحمد : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين حذيفة بن اليمان .

                                                                          وقال همام بن الحارث عن عمار بن ياسر : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر .

                                                                          [ ص: 221 ] وقال عاصم ، عن زر ، عن عبد الله : أول من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وعمار ، وسمية ، وصهيب ، وبلال ، والمقداد .

                                                                          فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب ، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم دراع الحديد وصهروهم في الشمس ، فما منهم أحد إلا وقد أتاهم على ما أرادوا إلا بلال ، فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأعطوه الولدان يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد
                                                                          .

                                                                          وقال منصور عن مجاهد : أول من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأبو بكر ، وبلال ، وخباب ، وصهيب ، وعمار ، وسمية أم عمار .

                                                                          وذكر الحديث بمعنى ما تقدم أتم منه ، وزاد فيه ، قال : فجاء أبو جهل عدو الله بحربته ، فجعل يقول بها في قبل سمية حتى قتلها وكانت أول شهيد قتل في الإسلام .

                                                                          وقال المسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن : أول من بنى مسجدا يصلى فيه عمار بن ياسر .

                                                                          وقال كثير النواء ، عن عبد الله بن مليل : سمعت عليا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه لم يكن نبي إلا وقد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء وإني أعطيت أربعة عشر : حمزة ، وأبو بكر ، وعمر ، [ ص: 222 ] وعلي ، وجعفر ، وحسن ، وحسين ، وعبد الله بن مسعود ، وأبو ذر ، والمقداد ، وحذيفة ، وعمار بن ياسر ، وبلال ، وسلمان .

                                                                          تابعه سالم بن أبي حفصة عن عبد الله بن مليل ، وسمى البعض منهم دون البعض .

                                                                          وقال الحسن بن صالح بن حي ، عن أبي ربيعة ، عن الحسن ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي وسلمان وعمار " .

                                                                          وقال إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وغير واحد عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي : استأذن عمار على النبي صلى الله عليه وسلم فعرف صوته ، فقال : مرحبا بالطيب المطيب .

                                                                          وقال عثام بن علي عن الأعمش عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ : استأذن عمار على علي ، فقال : ائذنوا له ، مرحبا بالطيب المطيب! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن عمارا ملئ إيمانا إلى مشاشه " .

                                                                          وقال عبد الملك بن عمير ، عن هلال مولى ربعي ، عن [ ص: 223 ] حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد تابعه سالم الأنعمي عن عمرو بن هرم عن ربعي بن حراش .

                                                                          وقال جرير بن حازم عن الحسن : قال عمرو بن العاص : رجلان مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبهما عبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر . وقيل : عن جرير بن حازم عن الحسن بن عثمان بن أبي العاص .

                                                                          وقال يزيد بن هارون : حدثنا العوام بن حوشب عن سلمة بن كهيل ، عن علقمة ، عن خالد بن الوليد ، قال : كان بيني وبين عمار بن ياسر شيء ، فانطلق عمار يشكو خالدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل لا يزيده إلا غلظا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت ، فبكى عمار ، وقال : يا رسول الله ، ألا تراه ؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ، فقال : " من أبغض عمارا أبغضه الله ، ومن عادى عمارا عاداه الله " . قال خالد : فخرجت وليس شيء أحب إلي من رضا عمار فلقيته فرضي .

                                                                          أخبرنا بذلك يوسف بن يعقوب ، قال : أخبرنا زيد بن الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي الحافظ ، قال : أخبرنا أبو عمر بن مهدي ، قال : أخبرنا [ ص: 224 ] أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، فذكره .

                                                                          رواه النسائي عن محمد بن أبان البلخي ، وأحمد بن سليمان الرهاوي عن يزيد بن هارون ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          وتواترت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية روي ذلك عن عمار بن ياسر ، وعثمان بن عفان ، وعبد الله بن مسعود ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن عباس في آخرين .

                                                                          وقال عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت : قتل عمار يوم قتل وهو مجتمع العقل .

                                                                          وقال عيسى بن يونس عن إسماعيل بن أبي خالد : سمعت يحيى بن عابس يحدث قيس بن أبي حازم ، قال : قال عمار بن ياسر : ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم .

                                                                          وقال محمد بن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون ، قال : قتل عمار بن ياسر وهو ابن إحدى وتسعين سنة ، وكان أقدم في الميلاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أقبل إليه ثلاثة نفر : عقبة بن عامر الجهني ، وعمر بن الحارث الخولاني ، وشريك بن سلمة المرادي ، فانتهوا إليه جميعا ، وهو يقول : والله لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا [ ص: 225 ] سعفات هجر لعملت أنا على حق وأنتم على باطل ، فحملوا عليه جميعا فقتلوه .

                                                                          قال : وزعم بعض الناس أن عقبة بن عامر هو الذي قتل عمارا ، وهو الذي كان ضربه حين أمره عثمان بن عفان . قال : ويقال بل الذي قتله عمر بن الحارث الخولاني .

                                                                          قال : وأخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابت ، قال : شهد خزيمة بن ثابت الجمل ، وهو لا يسل سيفا ، وشهد صفين ، وقال : أنا لا أصل أبدا حتى يقتل عمار ، فأنظر من يقتله ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تقتله الفئة الباغية " . قال : فلما قتل عمار بن ياسر ، قال خزيمة بن ثابت : قد بانت لي الضلالة . ثم اقترب فقاتل حتى قتل .

                                                                          وكان الذي قتل عمار بن ياسر أبو غادية المزني طعنه برمح ، فسقط ، وكان يومئذ يقاتل في محفة ، فقتل يومئذ وهو ابن أربع وتسعين سنة .

                                                                          وفي غير هذا الحديث أبو غادية الجهني .

                                                                          وقال أيضا : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبد الله بن أبي عبيدة - يعني ابن محمد بن عمار بن ياسر - عن أبيه ، عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمار بن ياسر ، قالت : لما كان اليوم الذي قتل فيه عمار والراية يحملها هاشم بن عتبة بن أبي [ ص: 226 ] وقاص ، وقد قتل أصحاب علي ذلك اليوم حتى كانت العصر ثم تقرب عمار من وراء هاشم يقدمه وقد جنحت الشمس للغروب ، ومع عمار ضيح من لبن فكان وجوب الشمس أن يفطر ، فقال حين وجبت الشمس وشرب الضيح : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن .

                                                                          ثم اقترب فقاتل حتى قتل وهو ابن أربع وتسعين سنة .

                                                                          وقال أبو عاصم النبيل ، وأبو الحسن المدائني ، وأبو عمر الضرير في آخرين : قتل عمار بن ياسر ، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة .

                                                                          وقال محمد بن سعد : قال محمد بن عمر : والذي أجمع عليه في قتل عمار أنه قتل مع علي بن أبي طالب بصفين سنة سبع وثلاثين ، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ، ودفن هناك بصفين .

                                                                          وقال يعقوب بن شيبة : حدثني الحسن بن عثمان ، وهو أبو حسان الزيادي ، قال : أخبرني عدة من الفقهاء وأهل العلم ، قالوا جميعا : كانت وقعة صفين بين علي ومعاوية ، فقتلت بينهما جماعة كبيرة يقال : إنهم كانوا سبعين ألفا في صفر ، ويقال : في ربيع الأول ، منهم من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا ، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفا ، وكان ممن عرف ، من أشراف الناس عمار بن ياسر ، [ ص: 227 ] وهو ابن ثلاث وتسعين ، ودفن هناك فصلى عليه علي ولم يغسله .

                                                                          قال : وقال محمد بن عمر : قتل عمار يوم صفين وهو يقاتل في محفة من فتق كان به .

                                                                          وقال عثمان بن محمد بن أبي شيبة : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، قال : أخبرنا العوام بن حوشب ، عن إبراهيم مولى صخير وهو إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي ، عن أبي وائل ، قال : رأى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ، وكان من أفاضل أصحاب عبد الله ، رأى في المنام أنه أدخل الجنة ، فإذا هو بقباب مضروبة . قال : فقلت : لمن هذه ؟ قالوا : لذي الكلاع وحوشب . وكانا قتلا مع معاوية ، قال : فأين عمار وأصحابه ؟ قالوا : أمامك .

                                                                          قال : وقد قتل بعضهم بعضا ؟ قالوا : نعم ; إنهم لقوا الله فوجدوه واسع المغفرة . قال : فما فعل أهل النهروان ؟ قال : لقوا برجاء .

                                                                          ومناقبه وفضائله كثيرة جدا .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية