الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          4141 - (ق) : علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي ، أبو الحسن الرضى .

                                                                          روى عن : عبيد الله بن أرطاة بن المنذر ، وأبيه موسى بن جعفر الكاظم (ق) .

                                                                          روى عنه : أبو بكر أحمد بن الحباب بن حمزة الحميري النسابة ، وأيوب بن منصور النيسابوري ، ودارم بن قبيصة بن نهشل الصنعاني ، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف الغازي القزويني ، له عنه نسخة ، وسليمان بن جعفر ، وعامر بن سليمان الطائي والد أحمد بن عامر أحد الضعفاء ، له عنه نسخة كبيرة ، وعبد الله بن علي العلوي ، وأمير المؤمنين أبو العباس عبد الله [ ص: 149 ] المأمون بن هارون الرشيد ، وأبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي (ق) ، وعلي بن صدقة الشطي الرقي ، وعلي بن علي الخزاعي الدعبلي ، وعلي بن مهدي بن صدقة بن هشام القاضي ، له عنه نسخة ، ومحمد بن سهل بن عامر البجلي ، وابنه أبو جعفر محمد بن علي بن موسى ، وأبو جعفر محمد بن محمد بن حيان التمار البصري ، وموسى بن علي القرشي ، وأبو عثمان المازني النحوي .

                                                                          قال الزبير بن بكار : وولد موسى بن جعفر بن محمد : عليا ، وإبراهيم ، وعباسا ، والقاسم ، وإسماعيل ، وجعفرا ، وهارون ، وحسنا ، وأحمد ، ومحمدا ، وعبيد الله ، وحمزة ، وزيدا ، وعبد الله ، وإسحاق ، وحسينا ، والفضل ، وسليمان ، وحكيمة ، وفاطمة ، وأم البهاء ، وعباسة ، وقسيمة ، وأم فروة ، وأسماء ، ورقية ، وكلثم ، وأم جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعلية ، وأمينة ، وحسنة ، وبريهة ، وأم سلمة ، وعائشة ، وفاطمة ، وميمونة ، وأم كلثوم بني موسى بن جعفر لأمهات أولاد .

                                                                          وقال أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي النسابة : فولد موسى بن جعفر بن محمد عليا الرضى ، وفاطمة ، أمهما أم ولد .

                                                                          عقد له المأمون ولي عهد ولبس لباس الخضرة في أيامه .

                                                                          حدثني موسى بن سلمة ، قال : كنت بخراسان مع محمد بن جعفر ، فسمعت أن ذا الرياستين خرج ذات يوم وهو يقول : [ ص: 150 ] واعجبا ، وقد رأيت عجبا ، سلوني ما رأيت ! قالوا : ما رأيت أصلحك الله ؟ قال : رأيت أمير المؤمنين المأمون يقول لعلي بن موسى : قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين وأفسخ ما في رقبتي وأجعله في رقبتك .

                                                                          ورأيت علي بن موسى يقول : يا أمير المؤمنين ، لا طاقة لي بذلك ولا قوة .

                                                                          فما رأيت خلافة قط أضيع منها ، أمير المؤمنين يتقضى منها ، ويعرضها على علي بن موسى ، وعلي بن موسى يرفضها ويأباها .

                                                                          وقال أبو الحسين أيضا : حدثني من سمع عبد الجبار بن سعيد على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هذا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين :


                                                                          ستة آباؤهم ما هم خير من يشرب صوب الغمام



                                                                          وقال أيضا : بلغني أن دعبل بن علي وفد على الرضى عليه السلام بخراسان ، فلما دخل عليه ، قال : إني قد قلت قصيدة ، وجعلت على نفسي ألا أنشدها أحدا أول منك .

                                                                          قال : هاتها .

                                                                          فأنشده قصيدته التي يقول فيها :


                                                                          أحب قصي الرحم من أجل حبكم     وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
                                                                          وأكتم حبيكم مخافة كاشح     عنيف لأهل الحق غير موات

                                                                          . [ ص: 151 ]

                                                                          ألم تر أني مذ ثلاثين حجة     أروح وأغدو دائم الحسرات
                                                                          أرى فيأهم في غيرهم متقسما     وأيديهم من فيئهم صفرات
                                                                          فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد     تقطع نفسي دونه حسرات
                                                                          خروج إمام لا محالة خارج     يقوم على اسم الله والبركات
                                                                          يميز فينا كل حق وباطل     ويجزي على الأهواء بالنقمات
                                                                          فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري     فغير بعيد كل ما هو آت



                                                                          قال : فلما فرغ من إنشاده قام الرضى عليه السلام ، فدخل منزله ، وبعث إليه خادما بخرقة خز فيها ست مائة دينار ، وقال للخادم : قل له : يقول لك مولاي : استعن بهذه على سفرك واعذرنا .

                                                                          فقال له دعبل : لا والله ما هذا أردت ولا له خرجت ، ولكن قل له : اكسني ثوبا من أثوابك .

                                                                          وردها عليه ، فردها عليه الرضى عليه السلام ، وبعث إليه معها بجبة من ثيابه ، وخرج دعبل حتى ورد قم ، فنظروا إلى الجبة فأعطوه بها ألف دينار ، فقال : لا والله ولا خرقة منها بألف دينار ، ثم خرج من قم فاتبعوه وقطعوا عليه ، وأخذوا الجبة ، فرجع إلى قم ، فكلمهم ، فقالوا : ليس إليها سبيل ، ولكن هذه ألف دينار ، قال : وخرقة منها ، فأعطوه ألف دينار ، وخرقة من الجبة .

                                                                          وقال محمد بن يزيد المبرد ، عن أبي عثمان المازني : سئل علي بن موسى الرضى : يكلف الله العباد ما لا يطيقون ؟ قال : هو [ ص: 152 ] أعدل من ذلك .

                                                                          قال : يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون ؟ قال : هم أعجز من ذلك .

                                                                          وقال أبو بكر بن يحيى الصولي : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد ، قال : حدثني عثمان ، قال : سمعت علي بن موسى الرضى رحمه الله يوما ينشد شعرا :


                                                                          كلنا يأمل مدا في الأجل     والمنايا هن آفات الأمل
                                                                          لا تغرنك أباطيل المنى     والزم القصد ودع عنك العلل
                                                                          إنما الدنيا كظل زائل     حل فيه راكب ثم رحل



                                                                          قيل : إنه مات في حدود سنة ثلاث ومائتين .

                                                                          [ ص: 153 ] روى له ابن ماجه حديثا واحدا قد كتبناه في ترجمة عبد السلام بن صالح الهروي .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية