الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          4121 - (س) : علي بن فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي اليربوعي .

                                                                          روى عن : زيد بن بكر ، وعباد بن منصور ، وعبد العزيز بن أبي رواد (س) ، وليث بن أبي سليم ، ومحمد بن ثور الصنعاني .

                                                                          روى عنه : أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي (س) وإسماعيل الطوسي ، وسفيان بن عيينة ، وشهاب بن عباد العبدي ، وعمران بن موسى ، وأبوه فضيل بن عياض ، ومحمد بن إبراهيم بن ذي حماية ، ومحمد بن أبي عثمان ، ومحمد بن ناجية ، وموسى بن أعين ، وأبو بكر بن عياش ، وأبو سليمان الداراني .

                                                                          وكان من سادات المسلمين علما وزهدا وعبادة وخوفا وورعا ، [ ص: 97 ] وكان يفضل على أبيه في العبادة والخوف ، ومات قبل أبيه ، وكان سبب موته - فيما قيل - أنه بات ليلة في محرابه يتلو القرآن فأصبح فيه ميتا ، وقيل غير ذلك في سبب موته .

                                                                          قال النسائي : ثقة ، مأمون .

                                                                          وقال الحافظ أبو بكر الخطيب : كان من الورع بمحل عظيم ، ومات قبل أبيه بمدة ، وكان سبب موته أنه سمع آية تقرأ فغشي عليه ، وتوفي في الحال .

                                                                          أخبرنا يوسف بن يعقوب الشيباني ، قال : أخبرنا زيد بن الحسن الكندي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث العبادي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عفان ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : صليت خلف فضيل بن عياض المغرب وعلي ابنه إلى جانبي ، فقرأ ألهاكم التكاثر فلما قال : لترون الجحيم سقط علي بن فضيل على وجهه مغشيا عليه ، وبقي فضيل عند الآية .

                                                                          فقلت في نفسي : ويحك ، ما عندك من الخوف ما عند فضيل وعلي ؟ فلم أزل أنتظر عليا فما أفاق إلى ثلث من الليل بقي .

                                                                          ووقع لنا من وجه آخر أعلى من هذا أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص [ ص: 98 ] بن طبرزد قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد الخياط قال : أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن دوست العلاف قال : أخبرنا الحسين بن صفوان قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال : حدثني أبو بكر الشيباني وهو عبد الرحمن بن عفان قال : سمعت أبا بكر بن عياش قال : صليت خلف فضيل بن عياض المغرب وإلى جانبي علي ابنه ، فقرأ الفضيل ألهاكم التكاثر فلما بلغ لترون الجحيم سقط علي مغشيا عليه ، وبقي الفضيل لا يقدر يجاوز الآية . ثم صلى بنا صلاة خائف .

                                                                          قال : فجعلت أقول في نفسي : يا نفس ، ما عندك من الخوف ما عند فضيل وابنه! قال : ثم رابطت عليا فما أفاق إلى نصف الليل .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال : حدثني عبد الصمد بن يزيد عن فضيل بن عياض قال : بكى علي ابني فقلت : يا بني ، ما يبكيك ؟ قال : أخاف أن لا تجمعنا القيامة . قال فضيل : وقال لي عبد الله بن المبارك : يا أبا علي ، ما أحسن حال من انقطع إلى ربه ! قال : فسمع ذلك علي ابني فسقط مغشيا عليه .

                                                                          أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي قال : أخبرنا عمي الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد قال : أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن السمعاني قال شيخنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم : وأجازه [ ص: 99 ] لي أبو المظفر - قال : أخبرنا الجنيد بن محمد القايني ، قال : أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطبسي ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن القاسم بن إسحاق بن شاذان الفارسي الواعظ ، قال : حدثنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدون الذهلي ، قال : حدثنا مسدد بن قطن بن إبراهيم القشيري ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : حدثنا أبو بكر بن المثنى بن أخزم المخزومي ، قال : قال عبد الله بن المبارك يوما : خير الناس الفضيل بن عياض ، وخير منه ابنه علي .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : حدثنا محمد بن نوح المروزي ، قال : حدثنا محمد بن ناجية ، قال : صليت خلف الفضيل بن عياض فقرأ الحاقة في صلاة الغداة ، فلما بلغ إلى قوله : خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه غلبه البكاء ، وكان ابنه علي في الصف معنا فسقط مغشيا عليه ، وركع فضيل ثم قام فقرأ بقية السورة في الركعة الثانية .

                                                                          ثم حملنا عليا وأدخلناه منزله فلم يزل مغمى عليه إلى بعد العصر ، فقيل للفضيل : هذا الذي يصيب عليا من أي شيء يكون يا أبا علي ؟ قال : لا أعلمه إلا من نقاء القلب .

                                                                          أخبرنا أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا أبو الفضائل عبد الرحيم بن محمد بن عبد الواحد الكاغدي ، قال : أخبرنا أبو [ ص: 100 ] علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا أحمد بن علي بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت الفضيل يقول : أشرفت ليلة على علي وهو في صحن الدار وهو يقول : النار ، ومتى الخلاص من النار ؟ !

                                                                          وبه ، قال : قال الفضيل : بكى علي ابني يوما ، فقلت : يا بني ، ما يبكيك ؟ قال : أخاف أن لا تجمعنا القيامة . وبه ، قال : سمعت الفضيل يقول : قال علي : يا أبة ، سل الذي وهبني لك في الدنيا أن يهبني لك في الآخرة .

                                                                          قال : وقال لي علي : اسأل الذي جمعنا في الدنيا أن يجمعنا في الآخرة ، ثم بكى ، فلم يزل منكسر القلب حزينا ، ثم بكى الفضيل ، فقال : حبيبي من كان يساعدني على الحزن والبكاء ، يا ثمرة قلبي شكر الله لك ما قد علمه فيك .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا عبد الصمد بن يزيد ، قال : سمعت إسماعيل الطوسي يقول : بينا نحن ذات يوم عند الفضيل فقرأ رجل يوم يقوم الناس لرب العالمين فسقط علي بن الفضيل مغشيا [ ص: 101 ] عليه ، فقال الفضيل : شكر الله لك ما قد علمه منك .

                                                                          قال : وسمعت إسماعيل الطوسي أو غيره ، قال : بينا نحن نصلي ذات يوم الغداة خلف الإمام ومعنا علي بن الفضيل فقرأ الإمام فيهن قاصرات الطرف و حور مقصورات في الخيام فلما سلم الإمام قلت : يا علي ، أما سمعت ما قرأ الإمام ؟ قال : ما هو ؟ قلت : فيهن قاصرات الطرف و حور مقصورات في الخيام قال : شغلني ما كان قبلها يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران .



                                                                          وبه ، قال أبو نعيم : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين الحذاء ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : حدثنا سلمة بن عقار عن محمد بن الحسن ، قال : كان علي بن فضيل يصلي حتى يزحف إلى فراشه ، ثم يلتفت إلى أبيه ، فيقول : يا أبة سبقني المتعبدون .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثني محمد بن [ ص: 102 ] شجاع أبو عبد الله ، عن سفيان بن عيينة ، قال : ما رأيت أحدا أخوف من الفضيل وابنه .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن العباس ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، قال : حدثنا ابن أبي زياد عن شهاب بن عباد ، قال : كانوا يعودون علي بن الفضيل وهو بمنى ، فقال : لو ظننت أني أبقى إلى الظهر لشق علي .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن موسى ، قال : حدثنا ابن المهتدي ، قال : حدثنا أحمد بن سعيد الأشيب ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت الفضيل بن عياض يقول لابنه علي : أمير المؤمنين قد أخلي له الطواف قم حتى نغتنم الطواف . فقال : يا أبة نغتنم خلوة الجور .

                                                                          قال : وقال الفضيل : اللهم ، إني اجتهدت أن أؤدب عليا فلم أقدر على تأديبه فأدبته أنت لي .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمر ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، قال : حدثني محمد [ ص: 103 ] بن إدريس ، قال : حدثني عمران بن موسى ، قال : قال علي بن فضيل : ويحي من يوم ليس كالأيام ، ثم قال : أوه كم من قبيحة تكشفها القيامة غدا .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : حدثنا عمر بن بحر ، قال : سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول : سمعت أبا سليمان يقول : كان علي بن فضيل لا يستطيع أن يقرأ القارعة ولا تقرأ عليه .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، قال : حدثنا محمد بن أبي عثمان ، قال : كان علي - يعني ابن الفضيل - عند سفيان بن عيينة ، فحدث سفيان بحديث فيه ذكر النار وفي يد علي قرطاس في شيء مربوط ، فشهق شهقة ، وقع ورمى القرطاس ، أو وقع من يده ، فالتفت إليه سفيان ، فقال : لو علمت أنك هاهنا ما حدثت به . فما أفاق إلا بعد ما شاء الله عز وجل .

                                                                          وبه ، قال : سمعت محمد بن أبي عثمان يحدث عن فضيل بن عياض ، قال : قلت لعلي - يعني ابنه - : لو أعنتنا على دهرنا . قال : فأخذ قفة ومضى إلى السوق ليحمل ، فأتاني رجل [ ص: 104 ] فأعلمني ، فمضيت إليه فرددته ، وقلت : يا بني ، لست أريد هذا ، أو لم أرد هذا كله .

                                                                          وبه ، قال : حدثني محمد بن أبي عثمان عن فضيل بن عياض أنهم اشتروا شعيرا بدينار وكان ذلك في غلاء من السعر ، فقالت أم علي للفضيل : قوته - لكل إنسان - قرصين ، وكان علي يأخذ واحدا ويتصدق بالآخر حتى كاد أن يصيبه الخواء أو أصابه بعض ذلك .

                                                                          وبه ، قال : سمعت محمد بن أبي عثمان يحدث عن فضيل أن عليا كان يحمل على أباعر كانت للفضيل فنقص الطعام الذي حمله ، فحبس عنه الكراء ، فأتى الفضيل إليهم ، فقال : أتفعلون هذا بعلي ، فقد كانت لنا شاة بالكوفة أكلت شيئا يسيرا من علف لبعض الأمراء والملوك ومن يشبههم فما شرب لها لبنا بعد ذلك .

                                                                          قالوا : لم نعلم هذا يا أبا علي أنه ابنك .

                                                                          أخبرنا المقداد بن أبي القاسم القيسي ، قال : أخبرنا أحمد بن يحيى ابن الدبيقي ببغداد ، قال : أخبرنا القاضي أبو بكر الأنصاري ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ ، قال : حدثني الحسن بن أبي طالب ، قال : حدثنا محمد بن العباس الخزاز ، قال : حدثنا أبو ذر أحمد بن محمد الباغندي ، [ ص: 105 ] قال : حدثنا أبو عبيد الله حماد بن الحسن ، قال : حدثنا عمر بن بشر المكي عن فضيل بن عياض ، قال : أهدى لنا ابن المبارك شاة ، وكان ابني علي لا يشرب منها ، فقلت له : يا بني ، لم لا تشرب من لبن هذه الشاة ؟ قال : لأنها رعت بالعراق .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو بكر الحافظ ، قال : وأخبرنا أبو الحسين بن بشران المعدل ، قال : أخبرنا علي محمد بن أحمد المصري ، قال : سمعت أبا سعيد أحمد بن عيسى الخراز يقول : سمعت إبراهيم بن بشار يقول : الآية التي مات فيها علي بن الفضيل في الأنعام ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد مع هذا الموضع مات ، وكنت فيمن صلى عليه .

                                                                          روى له النسائي حديثا واحدا ، وقد وقع لنا عاليا جدا . أخبرنا به أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا أبو الفضائل الكاغدي ، وأبو الحسن الجمال ، قالا : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن حمزة ، ومحمد بن علي بن حبيش ، قالا : حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : [ ص: 106 ] حدثنا علي بن فضيل بن عياض عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : رأى رجل من الأنصار فيما يرى النائم أنه قيل له : بأي شيء أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أمرنا أن نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ، ونكبر أربعا وثلاثين ، فذلك مائة .

                                                                          قال : فسبحوا خمسا وعشرين ، واحمدوا خمسا وعشرين ، وكبروا خمسا وعشرين ، وهللوا خمسا وعشرين فتلك مائة ، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : افعلوا كما قال الأنصاري .


                                                                          قال أبو نعيم : غريب من حديث علي وعبد العزيز ، تفرد به أحمد بن يونس .

                                                                          رواه عن أبي زرعة الرازي عن أحمد بن يونس ، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية