الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري

                                                                                                          229 حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن يحيى بن هانئ بن عروة المرادي عن عبد الحميد بن محمود قال صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين فلما صلينا قال أنس بن مالك كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الباب عن قرة بن إياس المزني قال أبو عيسى حديث أنس حديث حسن صحيح وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري وبه يقول أحمد وإسحق وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري ) جمع سارية بمعنى الأسطوانة .

                                                                                                          [ ص: 19 ] قوله : ( كنا نتقي هذا ) أي الصلاة بين الساريتين قوله : ( وفي الباب عن قرة بن إياس المزني ) قال : كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا ، أخرجه ابن ماجه ، وفي إسناده هارون بن مسلم البصري ، وهو مجهول كما قال أبو حاتم ، يشهد له ما أخرجه الحاكم وصححه من حديث أنس بلفظ : كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها . وقال : لا تصلوا بين الأساطين وأتموا الصفوف .

                                                                                                          قوله : ( حديث أنس حديث حسن صحيح ) أخرجه الخمسة إلا ابن ماجه . .

                                                                                                          قوله : ( وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري وبه يقول أحمد وإسحاق ) وبه قال النخعي ، وروى سعيد بن منصور في سننه النهي عن ذلك ، عن ابن مسعود ، وابن عباس وحذيفة . قال ابن سيد الناس : ولا يعرف لهم مخالف في الصحابة . والعلة في الكراهة ما قاله أبو بكر بن العربي من أن ذلك إما لانقطاع الصف أو لأنه موضع جمع النعال ، قال ابن سيد الناس : والأول أشبه لأن الثاني محدث . قال القرطبي : روي أن سبب كراهة ذلك أنه مصلى جن المؤمنين .

                                                                                                          قوله : ( وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك ) أي الصلاة بين السواري رخص فيه أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وابن المنذر قياسا على الإمام والمنفرد ، قالوا : وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين الساريتين . قال ابن رسلان ، وأجازه الحسن وابن سيرين ، وكان سعيد بن جبير ، وإبراهيم التيمي ، وسويد بن غفلة يؤمون قومهم بين الأساطين وهو قول الكوفيين . قال الشوكاني : حديث قرة ليس فيه إلا ذكر النهي عن الصف بين السواري ولم يقل كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ففيه [ ص: 20 ] دليل على التفرقة بين الجماعة والمنفرد . ولكن حديث أنس الذي أخرجه الحاكم فيه النهي عن الصلاة مطلقا فيحمل المعلق على المقيد ، ويدل على ذلك صلاته صلى الله عليه وسلم بين الساريتين ، فيكون النهي على هذا مختصا بصلاة المؤتمين دون صلاة الإمام والمنفرد ، وهذا أحسن ما يقال ، وأما قياس المؤتمين على الإمام والمنفرد ففاسد الاعتبار لمصادمته لأحاديث الباب انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية