الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الصلاة على الميت في المسجد

                                                                                                          1033 حدثنا علي بن حجر أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الواحد بن حمزة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن بيضاء في المسجد قال أبو عيسى هذا حديث حسن والعمل على هذا عند بعض أهل العلم قال الشافعي قال مالك لا يصلى على الميت في المسجد وقال الشافعي يصلى على الميت في المسجد واحتج بهذا الحديث

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء في المسجد ) ، وفي رواية لمسلم والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد سهيل وأخيه قال النووي : قال العلماء : بنو البيضاء ثلاثة إخوة سهل وسهيل وصفوان ، وأمهم البيضاء واسمها دعد ، والبيضاء وصف ، وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفهري ، وكان سهيل قديم الإسلام هاجر إلى الحبشة ، ثم عاد إلى مكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، وشهد بدرا وغيرها توفي سنة تسع من الهجرة . انتهى كلام النووي .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن ) أخرجه الجماعة إلا البخاري .

                                                                                                          [ ص: 105 ] قوله : ( قال الشافعي قال مالك لا يصلى على الميت في المسجد ) ، وهو قول ابن أبي ذئب وأبي حنيفة وكل من قال بنجاسة الميت ، واحتجوا بحديث أبي هريرة مرفوعا من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له رواه أبو داود وسيجيء بيان ما فيه من الكلام ، واحتج بعضهم بأن العمل استقر على ترك ذلك ؛ لأن الذين أنكروا ذلك على عائشة رضي الله عنها كانوا من الصحابة ، قال الحافظ ابن حجر : ورد بأن عائشة لما أنكرت ذلك الإنكار سلموا لها ، فدل على أنها حفظت ما نسوه . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وقال الشافعي يصلى على الميت في المسجد واحتج بهذا الحديث ) وبه قال أحمد وإسحاق ، وهو قول الجمهور ، واستدلوا بحديث الباب ، واستدل لهم أيضا بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى علىالنجاشي بالمصلى كما في صحيح البخاري ، وللمصلى حكم المسجد فيما ينبغي أن يجتنب فيه بدليل حديث أم عطية : ويعتزل الحيض المصلى ، قال الحافظ في فتح الباري : وقد روى ابن أبي شيبة ، وغيره أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبا صلى على عمر في المسجد ، زاد في رواية : ووضعت الجنازة تجاه المنبر ، وهذا يقتضي الإجماع على جواز ذلك . انتهى . قلت : والحق هو الجواز ، وأما حديث أبي داود المذكور فأجيب عنه بأجوبة قال النووي في شرح مسلم : أجابوا عنه بأجوبة ؛ أحدها أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به ، قال أحمد بن حنبل : هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة ، وهو ضعيف ، الثاني : أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من سنن أبي داود من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه ولا حجة لهم حينئذ فيه ، الثالث : أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه قال " فلا شيء له " لوجب تأويله على : فلا شيء عليه ليجمع بين الروايتين وبين هذا الحديث وحديث سهيل بن بيضاء ، وقد جاء " له " بمعنى " عليه " كقوله تعالى وإن أسأتم فلها الرابع : أنه محمول على نقص الأجر في حق من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة لما فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه . انتهى كلام النووي قلت : الظاهر أن حديث أبي داود حسن ، قال الحافظ في التقريب : صالح بن نبهان المدني مولى التوأمة صدوق اختلط بآخره ، قال ابن عدي : لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج . انتهى ، وروى أبو داود هذا الحديث من طريق ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة ، وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه صلى على أبي بكر في المسجد ، وأن صهيبا صلى على عمر رضي الله عنه في المسجد ، ولم ينكر أحد من الصحابة على عمر ، ولا على صهيب فوقع إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم على جواز الصلاة على الميت [ ص: 106 ] في المسجد ، فلا بد من تأويل حديث أبي داود المذكور على تقدير أنه حسن ، والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية