الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله صح التوكيل ) أي تفويض التصرف إلى الغير بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى حكاية عن أصحاب الكهف { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة } وكان البعث منهم بطريق الوكالة وشرع من قبلنا شرع لنا إذا قصه الله تعالى ورسوله من غير إنكار ولم يظهر نسخه { ووكل عليه السلام حكيم بن حزام بشراء أضحيته } وانعقد الإجماع عليه وهو عام وخاص فالثاني ظاهر والأول نحو أن يقول : ما صنعت من شيء فهو جائز أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك على ملك جميع أنواع التصرفات من البيع والشراء والهبة والصدقة والتقاضي وغير ذلك ولو طلق امرأته جاز قال الصدر الشهيد : وبه يفتى حتى يتبين خلافه واختار أبو الليث أنه لو طلق أو وقف لم يجز كذا في الولوالجية وفي البزازية ما حكمت فجائز تحكيم لا توكيل وقدمنا فتوى قاضي خان أنه يختص بالمعاوضات ( قوله وهو إقامة الغير مقام نفسه في التصرف ) أي الجائز المعلوم حتى إن التصرف إذا لم يكن معلوما ثبت أدنى التصرفات وهو الحفظ فيما إذا قال : وكلتك بمالي .

                                                                                        ( قوله ممن يملكه ) أي ذلك التصرف بيان للشرط في الموكل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل مطلقا وصبي يعقل بنحو طلاق وعتاق وهبة وصدقة من التصرفات الضارة فيصح توكيله بالنافعة بلا إذن وليه كقبول الهبة وأما ما تردد بين ضرر ونفع كالبيع [ ص: 142 ] والإجارة فإن كان مأذونا في التجارة صح توكيله مطلقا وإلا توقف على إجازة وليه ولا يصح توكيل عبد محجور وصح من مأذون ومكاتب وأما توكيل المرتد فموقوف إن أسلم نفذ وإلا بأن قتل أو مات أو لحق بطل عنده وقالا : نافذ وشمل قوله ممن يملكه الأب والوصي في مال الصبي فلهما أن يوكلا بكل ما يفعلانه وأورد على هذا الشرط توكيل المسلم ذميا ببيع خمر أو خنزير وتوكيل المحرم الحلال ببيع الصيد فإنه صحيح عنده ولا يملكه الموكل وأجيب بأنه يملكه بأصل التصرف وإن امتنع بعارض النهي ويرد عليه العبد المأذون في تزويج نفسه لا يملك التوكيل كما في المحيط مع أنه يملك أن يتزوج بنفسه والجواب أنه بمنزلة الوكيل عن سيده وإن كان عاملا لنفسه والوكيل لا يوكل إلا بإذن أو تعميم وفي البزازية والوكالة على اليمين مثل أن يقول : وكلتك أن تحلف عني لا يجوز ا هـ .

                                                                                        وأورد أيضا لو قال : بع عبدي هذا بعبد صح ولو قال : اشتريت منك هذا بعبد لم يصح وأجيب بأن المنع للجهالة في المباشرة للإفضاء إلى المنازعة لا لذاتها ولذا لم تمنع في بيع قفيز من صبرة ولا يفضي إليها في الوكالة وزاد في الهداية فقال : ومن شرطها أن يكون الموكل ممن يملك التصرف وتلزمه الأحكام فقيل : هو احتراز عن الوكيل فإنه وإن ملك التصرف لا تلزمه الأحكام بمعنى لا تثبت له فلا يصح توكيله وقيل : احتراز عن المحجور فإنه لا يصح توكيله كذا في النهاية واقتصر الشارح على الثاني ولا حاجة إلى هذا القيد فإن المحجور لا يملك التصرف فخرج به وسيأتي إخراج الوكيل بالضابط وفي الجوهرة وليس المعتبر أن يكون الموكل مالكا للتصرف فيما وكل به وإنما المعتبر أن يكون ممن يصح منه التصرف في الجملة لأنهم قالوا : لا يجوز بيع الآبق ويجوز أن يوكل ببيعه وفي الولوالجية لو وكل الدائن عبد المديون في قبض دينه من مولاه جاز ولو أقر العبد بالقبض والهلاك برئ المولى ولو وكل الغريم مولى العبد المديون بالقبض من عبده لم يجز توكيله ولا قبضه .

                                                                                        والحاصل أنه يرد على منطوق قوله ممن يملكه توكيل العبد المأذون بالتزويج فإنه لا يصح مع أنه يملكه وما لو وكل ببيع عبده بعبد يصح مع أنه لا يملكه ويرد على مفهومه توكيل المسلم ذميا ببيع الخمر وتوكيل المحرم حلالا والتوكيل ببيع الآبق والتوكيل بالاستقراض .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية