[ ص: 250 ] [ ص: 251 ] الطرف الثاني
فيما يتعلق بالمجتهد من الأحكام من جهة فتواه .
والنظر فيه في مسائل :
[ ص: 252 ] [ ص: 253 ] المسألة الأولى
صلى الله عليه وسلم . المفتي قائم في الأمة مقام النبي
والدليل على ذلك أمور :
أحدها : النقل الشرعي في الحديث : . إن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم
وفي الصحيح : قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : العلم ، عمر بن الخطاب وهو في معنى الميراث . بينا أنا نائم أتيت بقدح من لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج من أظافري ، ثم أعطيت فضلي
[ ص: 254 ] وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - نذيرا لقوله : إنما أنت نذير [ هود : 12 ] وقال في العلماء : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم الآية [ التوبة : 122 ] ، وأشباه ذلك .
والثاني : أنه ، لقوله : نائب عنه في تبليغ الأحكام . ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب
وقال : . بلغوا عني ولو آية
وقال : . " تسمعون ويسمع منكم ، ويسمع ممن يسمع منكم "
[ ص: 255 ] وإذا كان كذلك ، فهو معنى كونه قائما مقام النبي .
والثالث : أن ؛ لأن ما يبلغه من الشريعة إما منقول عن صاحبها ، وإما مستنبط من المنقول ، فالأول يكون فيه مبلغا ، والثاني يكون فيه قائما مقامه في إنشاء الأحكام ، وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع ، فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسب نظره واجتهاده فهو من هذا الوجه شارع ، واجب اتباعه والعمل على وفق ما قاله ، وهذه هي الخلافة على [ ص: 256 ] التحقيق ، بل القسم الذي هو فيه مبلغ لا بد من نظره فيه من جهة فهم المعاني من الألفاظ الشرعية ، ومن جهة تحقيق مناطها وتنزيلها على الأحكام ، وكلا الأمرين راجع إليه فيها ، فقد قام مقام الشارع أيضا في هذا المعنى ، وقد جاء في الحديث : المفتي شارع من وجه " أن من قرأ القرآن ، فقد أدرجت النبوة بين جنبيه " .
[ ص: 257 ] وعلى الجملة فالمفتي مخبر عن الله كالنبي ، وموقع للشريعة على أفعال المكلفين بحسب نظره كالنبي ، ونافذ أمره في الأمة بمنشور الخلافة كالنبي ، ولذلك سموا أولي الأمر ، وقرنت طاعتهم بطاعة الله ورسوله في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] والأدلة على هذا المعنى كثيرة .
فإذا ثبت هذا انبنى عليه معنى آخر ، وهي :