[ ص: 266 ] المسألة العاشرة
قد تكون تختص بالمكلف وحده ، كالمسائل المتقدمة ، وقد تكون عامة له ولغيره ، وقد تكون داخلة على غيره بسببه . المشقة الناشئة من التكليف
ومثال العامة له ولغيره كالوالي المفتقر إليه لكونه ذا كفاية فيما أسند إليه; إلا أن الولاية تشغله عن الانقطاع إلى عبادة الله والأنس بمناجاته ، فإنه إذا لم يقم بذلك عم الفساد والضرر ، ولحقه من ذلك ما يلحق غيره .
ومثال الداخلة على غيره دونه كالقاضي والعالم المفتقر إليهما; إلا أن الدخول في الفتيا والقضاء يجرهما إلى ما لا يجوز ، أو يشغلهما عن مهم ديني أو دنيوي ، وهما إذا لم يقوما بذلك عم الضرر غيرهما من الناس ، فقد نشأ هنا عن طلبهما لمصالحهما المأذون فيها والمطلوبة منهما فساد عام .
[ ص: 267 ] وعلى كل تقدير; فالمشقة من حيث هي غير مقصودة للشارع تكون غير مطلوبة ، ولا العمل المؤدي إليها مطلوبا كما تقدم بيانه; فقد نشأ هنا نظر في تعارض مشقتين ، فإن المكلف إن لزم من اشتغاله بنفسه فساد ومشقة لغيره ، فيلزم أيضا من الاشتغال بغيره فساد ومشقة في نفسه ، وإذا كان كذلك تصدى النظر في وجه اجتماع المصلحتين مع انتفاء المشقتين إن أمكن ذلك ، وإن لم يمكن ، فلا بد من الترجيح ، فإذا كانت المشقة العامة أعظم اعتبر جانبها وأهمل جانب الخاصة ، وإن كان بالعكس ، فالعكس ، وإن لم يظهر ترجيح ، فالتوقف كما سيأتي ذكره في كتاب التعارض والترجيح إن شاء الله .