الطرف الثاني : في
nindex.php?page=treesubj&link=9490كيفية القسامة وفيه مسائل :
إحداها :
nindex.php?page=treesubj&link=9507أيمانها خمسون يمينا ، وكيفية اليمين كسائر الدعاوى ، ويقول في يمينه : لقد قتل هذا ، ويشير إليه ، أو لقد قتل فلان ابن فلان ، ويرفع في نسبه ، أو يعرفه بما يمتاز به من قبيلة أو صنعة ، أو لقب فلان ابن فلان ، ويعرفه كذلك منفردا بقتله ، وإن ادعى على اثنين ، قال : قتلاه منفردين بقتله ، نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله على ذكر الانفراد ، فقيل : هو تأكيد ; لأن قوله : قتله يقتضي الانفراد ، وقيل : شرط ، لاحتمال الانفراد صورة والاشتراك حكما ، كالمكره مع المكره ، ويتعرض لكونه عمدا أو خطأ ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله أن الجاني لو ادعى أنه برئ من الجرح ، زاد في اليمين : وما برئ من جرحه حتى مات منه .
[ ص: 17 ] الثانية : يستحب
nindex.php?page=treesubj&link=9490للقاضي أن يحذر المدعي إذا أراد أن يحلف ، ويعظه ويقول : اتق الله ، ولا تحلف إلا عن تحقق ، ويقرأ عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ، والقول في التغليظ في اليمين زمانا ومكانا ولفظا منه ما سبق في اللعان ، ومنه ما هو مؤخر إلى الدعوى والبينات .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=9509لا تشترط موالاة الأيمان على المذهب ، وقيل : وجهان ، فعلى المذهب : لو حلف الخمسين في خمسين يوما جاز .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=9509جن المدعي في خلال الأيمان ، أو أغمي عليه ، ثم أفاق ، يبنى عليها ، ولو عزل القاضي ، أو مات في خلالها ، فالأصح أن القاضي الثاني يستأنف منه الأيمان ، وحكي عن نصه في " الأم " أنه يكفيه البناء ، قال
الروياني : وهو الأصح ، لكن
المتولي حمل النص على ما إذا حلف المدعى عليه بعض الأيمان تفريعا على تعدد يمينه ، فمات القاضي ، أو عزل وولي غيره ، يعتد بالأيمان السابقة ، وفرق بأن يمين المدعى عليه على النفي فتنفذ بنفسها ، ويمين المدعي للإثبات فيتوقف على حكم القاضي ، والقاضي لا يحكم بحجة أقيمت عند الأول ، قال : وعزل القاضي وموته بعد تمام الأيمان ، كالعزل في أثنائها في الطرفين ، قال : ولو عزل القاضي في أثناء الأيمان من جانب المدعي أو المدعى عليه ، ثم تولى ثانيا ، فيبنى على أن الحاكم هل يحكم بعلمه ؟ إن قلنا : لا ، استأنف ، وإلا بنى ، ولو مات الولي المقسم في أثنائها ، نص في " المختصر " أن وارثه يستأنف الأيمان ، وقال الخضري : يبنى عليها ، والصحيح الأول ، ولو مات بعد تمامها ، حكم لوارثه ، كما لو أقام بينة ثم مات ولو مات المدعى عليه في أثناء الأيمان ، إذا حلفناه في غير صورة اللوث ، أو فيها ، لنكول المدعي ، بنى وارثه على أيمانه .
[ ص: 18 ] الخامسة : في جواز
nindex.php?page=treesubj&link=9510القسامة في غيبة المدعى عليه وجهان ، أصحهما : نعم ، كالبينة ، والثاني : لا ، لضعف القسامة ، ولا يمنع من القسامة كون المدعي كان غائبا عن موضع القتل ، كما لا يمنع كونه صبيا أو جنينا ; لأنه قد يعرف الحال بإقرار المدعى عليه ، أو بسماع ممن يثق به .
السادسة :
nindex.php?page=treesubj&link=9507ما يستحق بالقسامة يستحق بخمسين يمينا ، فإن كان الوارث واحدا وهو جائز ، حلف خمسين وأخذ الدية ، وإن لم يكن جائزا ، حلف أيضا خمسين ; لأنه لا يمكنه أخذ شيء إلا بعد تمام الحجة ، فإذا حلف أخذ قدر حقه ولا يثبت الباقي بيمينه ، بل حكمه حكم من مات ولا وارث له وسيأتي إن شاء الله تعالى ، وإن كان للقتيل وارثان فأكثر ، فقولان ، أحدهما : يحلف كل واحد خمسين يمينا ، وأظهرهما : يوزع الخمسون عليهم على قدر مواريثهم ، ومنهم من قطع بهذا ، فعلى هذا إن وقع كسر ، تممنا المنكسر ، فإذا كان ثلاثة بنين ، حلف كل ابن سبع عشرة ، وإن خلف أما وابنا ، حلفت تسعا وحلف اثنتين وأربعين ، وإن خلف زوجة وبنتا جعلت الأيمان بينهما أخماسا ، فتحلف الزوجة عشرا ، والبنت أربعين ، وفي زوج وبنت ، تجعل أثلاثا ، وإذا خلف أكثر من خمسين ابنا أو أخا ، حلف كل واحد يمينا ، وإن كانوا تسعة وأربعين ، حلف كل واحد يمينين ، وفي صورة الجد والإخوة تقسم الأيمان ، كقسم المال ، وفي المعادة لا يحلف ولد الأب إن لم يأخذ شيئا ، فإن أخذ حلف بقدر حقه ، فإذا خلف جدا وأخا لأبوين وأخا لأب ، حلف الجد سبع عشرة والأخ للأبوين أربعا وثلاثين ، ولا يحلف الأخ للأب وعلى التوزيع لو نكل بعضهم عن جميع حصته أو بعضها ، فلا يستحق الآخر شيئا حتى يحلف خمسين ولو غاب بعضهم ، فالحاضر بالخيار بين أن يصبر حتى يحضر الغائب ، فيحلف كل واحد قدر حصته ، وبين
[ ص: 19 ] أن يحلف في الحال خمسين ، ويأخذ قدر حقه ، فلو كان الورثة ثلاثة بنين أحدهم حاضر ، فأراد أن يحلف ، حلف خمسين يمينا ، وأخذ ثلث الدية ، فإذا قدم ثان ، حلف نصف الخمسين ، وأخذ الثلث فإذا قدم الثالث ، حلف سبع عشرة ، وأخذ ثلث الدية ، ولو كانوا أربعة ، حلف الحاضر خمسين ، وأخذ ربع الدية ، فإذا قدم ثان ، حلف خمسا وعشرين ، وأخذ ربعها ، وثالث يحلف سبع عشرة والرابع ثلاث عشرة ، ولو قال الحاضر : لا أحلف إلا بقدر حصتي لا يبطل حقه من القسامة حتى إذا قدم الغائب حلف معه بخلاف ما إذا قال الشفيع الحاضر : لا آخذ إلا قدر حصتي ، فإنه يبطل حقه ; لأن الشفعة إذا أمكن أخذها ، فالتأخير تقصير مفوت ، واليمين في القسامة لا تبطل بالتأخير ، ولو كان في الورثة صغير ، أو مجنون ، فالبالغ العاقل كالحاضر ، والصبي والمجنون كالغائب في جميع ما ذكرناه ، ولو حلف الحاضر أو البالغ خمسين ، ثم مات الغائب أو الصبي ، وورث الحالف ، لم يأخذ نصيبه إلا بعد أن يحلف حصته ولا يحسب ما مضى ; لأنه لم يكن مستحقا له يومئذ .
فرع
nindex.php?page=treesubj&link=9499كان في الورثة خنثى مشكل ، أخذ بالاحتياط واليقين في الأيمان والميراث ، فإن خلف ولدا خنثى ، حلف خمسين لاحتمال أنه ذكر ، ولا يأخذ إلا نصف المال ، ثم إن لم يكن معه عصبة ، لم يأخذ القاضي الباقي من المدعى عليه بل يوقف حتى يبين الخنثى ، فإن بان ذكرا أخذه ، وإن بان أنثى حلف القاضي المدعى عليه للباقي ، وإن كان معه عصبة كأخ ، فإن شاء صبر إلى وضوح الخنثى ، وإن شاء حلف ، فإن صبر توقفنا ، وإن حلف حلف خمسا وعشرين ، وأخذ القاضي النصف الآخر ، ووقفه بين الأخ والخنثى ، فإذا بان المستحق منهما ، دفعه إليه باليمين السابقة ، ولو خلف ولدين خنثيين ، حلف كل واحد منهما ثلثي الأيمان مع الجبر
[ ص: 20 ] وهي أربع وثلاثون يمينا ، لاحتمال أنه ذكر ، والآخر أنثى ، ولا يأخذان إلا الثلثين لاحتمال أنهما أنثيان ، ولو خلف ابنا وخنثى ، حلف الابن ثلثي الأيمان ، وأخذ نصف الدية ، وحلف الخنثى نصفها ، وأخذ ثلث الدية ، ووقف السدس بينهما ، ولو خلف بنتا وخنثى ، حلفت نصف الأيمان ، والخنثى ثلثيها ، وأخذ ثلثي الدية ، ولا يؤخذ الباقي من المدعى عليه حتى يظهر الخنثى . وهنا صور أخر في الخناثى تعلم من الضابط والمثال المذكور حذفتها اختصارا ولعدم الفائدة فيها وتعذر وقوعها .
فرع
nindex.php?page=treesubj&link=9499مات بعض الورثة المدعين الدم ، قام وارثه مقامه في الأيمان ، فإن تعددوا ، عاد القولان ، فإن قلنا : يحلف كل وارث خمسين ، فكذا ورثة الورثة ، وإن قلنا : بالتوزيع ، وزعت حصة ذلك الوارث على ورثته ، فلو كان للقتيل ابنان ، مات أحدهما عن ابنين ، حلف كل منهما ثلاث عشرة ، فلو حلف أحدهما ثلاث عشرة ، فمات أخوه قبل أن يحلف ، ولم يترك سوى هذا الحالف ، حلف أيضا ثلاث عشرة بقدر ما كان يحلف الميت ، ولا يكفيه إتمام خمس وعشرين ، ولو مات وارث القتيل بعد حلفه ، أخذ وارثه ما كان له من الدية ، وإن مات بعد نكوله ، لم يكن لوارثه أن يحلف ; لأنه بطل حقه من القسامة بنكوله ، لكن لوارثه تحليف المدعى عليه .
فرع
nindex.php?page=treesubj&link=9514للقتيل ابنان ، حلف أحدهما ، ومات الآخر قبل أن يحلف عن ابنين ، فحلف أحدهما حصته ، وهي ثلاث عشرة ونكل الآخر ، وزع الربع الذي
[ ص: 21 ] نكل عنه على أخيه وعمه على نسبة ما يأخذان من الدية ، فيخص الأخ أربع وسدس يضم ذلك إلى حصته في الأصل ، وهي اثنتا عشرة ونصف ، فتبلغ ست عشرة وثلثين فتكمل ، وقد حلف ثلاث عشرة ، فيحلف الآن أربعا ، ويخص العم ثمان وثلث ، فيحلف تسعا فيكمل له أربع وثلاثون .
فرع
جميع ما سبق في أيمان القسامة من جهة المدعي ، أما إذا ادعى القتل بغير لوث وتوجهت اليمين على المدعى عليه ، فهل يغلظ عليه بالعدد ؟ قولان ، أظهرهما : نعم ; لأنها يمين دم ، فإن نكل المدعى عليه رد على المدعي ما توجه على المدعى عليه على اختلاف القولين .
ويجري القولان في يمين المدعي مع الشاهد الواحد ، ولو كانت الدعوى في محل اللوث ، ونكل المدعي عن القسامة ، غلظت اليمين على المدعى عليه بالعدد قطعا ، وقيل : بطرد القولين ، فإن قلنا : بالتعدد ، وكانت الدعوى على جماعة مع لوث أو مع عدمه ، فهل يقسط الخمسون عليهم بعدد الرءوس ، أم يحلف كل واحد خمسين ؟ قولان ، أظهرهما : الثاني ، فإن قسطنا فكانت الدعوى على اثنين ، حاضر وغائب ، حلف الحاضر خمسين ، فإذا حضر الغائب وأنكر ، حلف خمسا وعشرين ، وإن كانا حاضرين ، فنكل أحدهما ، حلف الآخر خمسين ; لأن البراءة عن الدم لا تحصل بدونها على قول التعدد ، ويحلف المدعي على الناكل خمسين ، ولو نكل المدعى عليه عن اليمين والمدعون جماعة وقلنا : بالتعدد ، فهل توزع الأيمان على قدر مواريثهم أم يحلف كل واحد خمسين ؟ فيه القولان السابقان .
فرع
هذا الذي سبق حكم الأيمان في دعوى النفس ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=9462دعوى [ ص: 22 ] الطرف والجرح ، فقد سبق أنه لا قسامة فيها ، ولا اعتبار باللوث ، ولكن يحلف المدعى عليه ، وهل تتعدد اليمين ؟ يبنى على أن يمين المدعى عليه في دعوى النفس هل تتعدد ؟ إن قلنا : لا ، فهنا أولى ، وإلا فقولان أو وجهان ، أشبههما بالترجيح التعدد ، قال
ابن الصباغ : هذا الخلاف في دعوى العمد المحض ، أما في الخطأ وشبه العمد فتتحد فيه اليمين بلا خلاف ، ولم يفرق الأكثرون كما في النفس ، وإذا قلنا : بالتعدد ، فذلك إذا كان الواجب فيما يدعيه قدر الدية ، فإن نقص كبدل اليد والحكومة ، فقولان ، أظهرهما : يحلف المدعى عليه خمسين يمينا أيضا ، والثاني : توزع الخمسون على الأبدال ، ففي اليد خمس وعشرون ، وفي الموضحة ثلاث ، ولو زاد الواجب على دية نفس ، فهل يزاد في قدر الأيمان بزيادة قدر الأروش ؟ طرد الإمام حكاية الخلاف فيه ، ولو كانت الدعوى في الطرف على جماعة ، فهل يحلف كل واحد منهم بقدر ما يحلف المنفرد ، أم يوزع على رءوسهم ؟ فيه قولان كما سبق ، ومتى نكل المدعى عليه عن اليمين المعروضة عليه ، ردت على المدعي ، وحلف بقدر ما كان يحلف المدعى عليه ، فإن تعدد المدعون ، فهل توزع عليهم بقدر الإرث ، أم يحلف كل واحد كما يحلف المنفرد ؟ فيه القولان السابقان .
فرع
كان مع المدعي شاهد ، فأراد أن يحلف معه ، فإن قلنا : تتحد اليمين مع الشاهد في دعوى الدم ، نظر ، إن جاء بصيغة الإخبار أو شهد على اللوث ، حلف معه خمسين يمينا ، وإن جاء بلفظ الشهادة وحافظ على شرطها ، حلف معه يمينا واحدة ، قال الإمام : ويثبت المال إن كان القتل خطأ ، وإن كان المدعى قتل عمد ، فلا قصاص قطعا ، وفي المال خلاف يأتي نظيره إن شاء الله تعالى ، وإذا قلنا : تعدد اليمين مع الشاهد ، فلا بد من خمسين يمينا بكل حال .
الطَّرَفُ الثَّانِي : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=9490كَيْفِيَّةِ الْقَسَامَةِ وَفِيهِ مَسَائِلُ :
إِحْدَاهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=9507أَيْمَانُهَا خَمْسُونَ يَمِينًا ، وَكَيْفِيَّةُ الْيَمِينِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى ، وَيَقُولُ فِي يَمِينِهِ : لَقَدْ قَتَلَ هَذَا ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ ، أَوْ لَقَدْ قَتَلَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ ، وَيَرْفَعُ فِي نَسَبِهِ ، أَوْ يُعَرِّفُهُ بِمَا يَمْتَازُ بِهِ مِنْ قَبِيلَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ ، أَوْ لَقَبِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ ، وَيُعَرِّفُهُ كَذَلِكَ مُنْفَرِدًا بِقَتْلِهِ ، وَإِنِ ادَّعَى عَلَى اثْنَيْنِ ، قَالَ : قَتَلَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ بِقَتْلِهِ ، نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى ذِكْرِ الِانْفِرَادِ ، فَقِيلَ : هُوَ تَأْكِيدٌ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : قَتَلَهُ يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ ، وَقِيلَ : شَرْطٌ ، لِاحْتِمَالِ الِانْفِرَادِ صُورَةً وَالِاشْتِرَاكِ حُكْمًا ، كَالْمُكْرَهِ مَعَ الْمُكْرِهِ ، وَيَتَعَرَّضُ لِكَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْجَانِيَ لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ بَرِئٌ مِنَ الْجُرْحِ ، زَادَ فِي الْيَمِينِ : وَمَا بَرِئَ مِنْ جُرْحِهِ حَتَّى مَاتَ مِنْهُ .
[ ص: 17 ] الثَّانِيَةُ : يُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=9490لِلْقَاضِي أَنْ يُحَذِّرَ الْمُدَّعِيَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ ، وَيَعِظَهُ وَيَقُولَ : اتَّقِ اللَّهَ ، وَلَا تَحْلِفْ إِلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمُنًا قَلِيلًا ، وَالْقَوْلُ فِي التَّغْلِيظِ فِي الْيَمِينِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَلَفْظًا مِنْهُ مَا سَبَقَ فِي اللِّعَانِ ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُؤَخَّرٌ إِلَى الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9509لَا تُشْتَرَطُ مُوَالَاةُ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَقِيلَ : وَجْهَانِ ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ : لَوْ حَلَفَ الْخَمْسِينَ فِي خَمْسِينَ يَوْمًا جَازَ .
الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9509جُنَّ الْمُدَّعِي فِي خِلَالِ الْأَيْمَانِ ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَفَاقَ ، يُبْنَى عَلَيْهَا ، وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي ، أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِهَا ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يَسْتَأْنِفُ مِنْهُ الْأَيْمَانَ ، وَحُكِيَ عَنْ نَصِّهِ فِي " الْأُمِّ " أَنَّهُ يَكْفِيهِ الْبِنَاءُ ، قَالَ
الرُّويَانِيُّ : وَهُوَ الْأَصَحُّ ، لَكِنَّ
الْمُتَوَلِّيَ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى مَا إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْضَ الْأَيْمَانِ تَفْرِيعًا عَلَى تَعَدُّدِ يَمِينِهِ ، فَمَاتَ الْقَاضِي ، أَوْ عُزِلَ وَوَلِيَ غَيْرُهُ ، يَعْتَدُّ بِالْأَيْمَانِ السَّابِقَةِ ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى النَّفْيِ فَتَنْفُذُ بِنَفْسِهَا ، وَيَمِينَ الْمُدَّعِي لِلْإِثْبَاتِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي ، وَالْقَاضِي لَا يَحْكُمُ بِحُجَّةٍ أُقِيمَتْ عِنْدَ الْأَوَّلِ ، قَالَ : وَعَزْلُ الْقَاضِي وَمَوْتُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْأَيْمَانِ ، كَالْعَزْلِ فِي أَثْنَائِهَا فِي الطَّرَفَيْنِ ، قَالَ : وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ تَوَلَّى ثَانِيًا ، فَيُبْنَى عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ هَلْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ ؟ إِنْ قُلْنَا : لَا ، اسْتَأْنَفَ ، وَإِلَّا بَنَى ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ الْمُقْسِمُ فِي أَثْنَائِهَا ، نَصَّ فِي " الْمُخْتَصَرِ " أَنَّ وَارِثَهُ يَسْتَأْنِفُ الْأَيْمَانَ ، وَقَالَ الْخِضْرِيُّ : يُبْنَى عَلَيْهَا ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ تَمَامِهَا ، حُكِمَ لِوَارِثِهِ ، كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ وَلَوْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ ، إِذَا حَلَّفْنَاهُ فِي غَيْرِ صُورَةِ اللَّوْثِ ، أَوْ فِيهَا ، لِنُكُولِ الْمُدَّعِي ، بَنَى وَارِثُهُ عَلَى أَيْمَانِهِ .
[ ص: 18 ] الْخَامِسَةُ : فِي جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=9510الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجْهَانِ ، أَصَحُّهُمَا : نَعَمْ ، كَالْبَيِّنَةِ ، وَالثَّانِي : لَا ، لِضَعْفِ الْقَسَامَةِ ، وَلَا يَمْنَعُ مِنَ الْقَسَامَةِ كَوْنُ الْمُدَّعِي كَانَ غَائِبًا عَنْ مَوْضِعِ الْقَتْلِ ، كَمَا لَا يَمْنَعُ كَوْنُهُ صَبِيًّا أَوْ جَنِينًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِفُ الْحَالَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، أَوْ بِسَمَاعٍ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ .
السَّادِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9507مَا يُسْتَحَقُّ بِالْقَسَامَةِ يُسْتَحَقُّ بِخَمْسِينَ يَمِينًا ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا وَهُوَ جَائِزٌ ، حَلَفَ خَمْسِينَ وَأَخَذَ الدِّيَةَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا ، حَلَفَ أَيْضًا خَمْسِينَ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ شَيْءٍ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحُجَّةِ ، فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَلَا يَثْبُتُ الْبَاقِي بِيَمِينِهِ ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَارِثَانِ فَأَكْثَرُ ، فَقَوْلَانِ ، أَحَدُهُمَا : يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَأَظْهَرُهُمَا : يُوَزَّعُ الْخَمْسُونَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهَذَا ، فَعَلَى هَذَا إِنْ وَقَعَ كَسْرٌ ، تَمَّمْنَا الْمُنْكَسِرَ ، فَإِذَا كَانَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ ، حَلَفَ كُلُّ ابْنٍ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَإِنْ خَلَّفَ أُمًّا وَابْنًا ، حَلَفَتْ تِسْعًا وَحَلَفَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ، وَإِنْ خَلَّفَ زَوْجَةً وَبِنْتًا جُعِلَتِ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا ، فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا ، وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ ، وَفِي زَوْجٍ وَبِنْتٍ ، تُجْعَلُ أَثْلَاثًا ، وَإِذَا خَلَّفَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ ابْنًا أَوْ أَخًا ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا ، وَإِنْ كَانُوا تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينَيْنِ ، وَفِي صُورَةِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ تُقْسَمُ الْأَيْمَانُ ، كَقَسْمِ الْمَالِ ، وَفِي الْمُعَادَةِ لَا يَحْلِفُ وَلَدُ الْأَبِ إِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا ، فَإِنْ أَخَذَ حَلَفَ بِقَدْرِ حَقِّهِ ، فَإِذَا خَلَّفَ جَدًّا وَأَخًا لِأَبَوَيْنِ وَأَخًا لِأَبٍ ، حَلَفَ الْجَدُّ سَبْعَ عَشْرَةَ وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ ، وَلَا يَحْلِفُ الْأَخُ لِلْأَبِ وَعَلَى التَّوْزِيعِ لَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ جَمِيعِ حِصَّتِهِ أَوْ بَعْضِهَا ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْآخَرُ شَيْئًا حَتَّى يَحْلِفَ خَمْسِينَ وَلَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ ، فَالْحَاضِرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ ، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ ، وَبَيْنَ
[ ص: 19 ] أَنْ يَحْلِفَ فِي الْحَالِ خَمْسِينَ ، وَيَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ ، فَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةَ بَنِينَ أَحَدُهُمْ حَاضِرٌ ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ ، حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ ، فَإِذَا قَدِمَ ثَانٍ ، حَلَفَ نِصْفَ الْخَمْسِينَ ، وَأَخَذَ الثُّلُثَ فَإِذَا قَدِمَ الثَّالِثُ ، حَلَفَ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ ، وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً ، حَلَفَ الْحَاضِرُ خَمْسِينَ ، وَأَخَذَ رُبُعَ الدِّيَةِ ، فَإِذَا قَدِمَ ثَانٍ ، حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ، وَأَخَذَ رُبُعَهَا ، وَثَالِثٌ يَحْلِفُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَالرَّابِعُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ، وَلَوْ قَالَ الْحَاضِرُ : لَا أَحْلِفُ إِلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِي لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنَ الْقَسَامَةِ حَتَّى إِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ حَلَفَ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ : لَا آخُذُ إِلَّا قَدْرَ حِصَّتِي ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ ; لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إِذَا أَمْكَنَ أَخْذُهَا ، فَالتَّأْخِيرُ تَقْصِيرٌ مُفَوِّتٌ ، وَالْيَمِينُ فِي الْقَسَامَةِ لَا تَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ ، وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ ، أَوْ مَجْنُونٌ ، فَالْبَالِغُ الْعَاقِلُ كَالْحَاضِرِ ، وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ كَالْغَائِبِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَلَوْ حَلَفَ الْحَاضِرُ أَوِ الْبَالِغُ خَمْسِينَ ، ثُمَّ مَاتَ الْغَائِبُ أَوِ الصَّبِيُّ ، وَوَرِثَ الْحَالِفُ ، لَمْ يَأْخُذْ نَصِيبَهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ حِصَّتَهُ وَلَا يُحْسَبَ مَا مَضَى ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا لَهُ يَوْمَئِذٍ .
فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=9499كَانَ فِي الْوَرَثَةِ خُنْثَى مُشْكِلٌ ، أَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْيَقِينِ فِي الْأَيْمَانِ وَالْمِيرَاثِ ، فَإِنْ خَلَّفَ وَلَدًا خُنْثَى ، حَلَفَ خَمْسِينَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ ، وَلَا يَأْخُذُ إِلَّا نِصْفَ الْمَالِ ، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصَبَةٌ ، لَمْ يَأْخُذِ الْقَاضِي الْبَاقِيَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ يُوقَفُ حَتَّى يَبِينَ الْخُنْثَى ، فَإِنْ بَانَ ذَكَرًا أَخَذَهُ ، وَإِنْ بَانَ أُنْثَى حَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْبَاقِي ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَصَبَةٌ كَأَخٍ ، فَإِنْ شَاءَ صَبَرَ إِلَى وُضُوحِ الْخُنْثَى ، وَإِنْ شَاءَ حَلَفَ ، فَإِنْ صَبَرَ تَوَقَّفْنَا ، وَإِنْ حَلَفَ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ، وَأَخَذَ الْقَاضِي النِّصْفَ الْآخَرَ ، وَوَقَفَهُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْخُنْثَى ، فَإِذَا بَانَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمَا ، دَفَعَهُ إِلَيْهِ بِالْيَمِينِ السَّابِقَةِ ، وَلَوْ خَلَّفَ وَلَدَيْنِ خُنْثَيَيْنِ ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَيِ الْأَيْمَانِ مَعَ الْجَبْرِ
[ ص: 20 ] وَهِيَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ يَمِينًا ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ ، وَالْآخَرُ أُنْثَى ، وَلَا يَأْخُذَانِ إِلَّا الثُّلُثَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا أُنْثَيَانِ ، وَلَوْ خَلَّفَ ابْنًا وَخُنْثَى ، حَلَفَ الِابْنُ ثُلُثَيِ الْأَيْمَانِ ، وَأَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ ، وَحَلَفَ الْخُنْثَى نِصْفَهَا ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ ، وَوَقَفَ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَخُنْثَى ، حَلَفَتْ نِصْفَ الْأَيْمَانِ ، وَالْخُنْثَى ثُلُثَيْهَا ، وَأَخَذَ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ ، وَلَا يُؤْخَذُ الْبَاقِي مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَظْهَرَ الْخُنْثَى . وَهُنَا صُوَرٌ أُخَرُ فِي الْخَنَاثَى تُعْلَمُ مِنَ الضَّابِطِ وَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ حَذَفْتُهَا اخْتِصَارًا وَلِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهَا وَتَعَذُّرِ وُقُوعِهَا .
فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=9499مَاتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْمُدَّعِينَ الدَّمَ ، قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْأَيْمَانِ ، فَإِنْ تَعَدَّدُوا ، عَادَ الْقَوْلَانِ ، فَإِنْ قُلْنَا : يَحْلِفُ كُلُّ وَارِثٍ خَمْسِينَ ، فَكَذَا وَرَثَةُ الْوَرَثَةِ ، وَإِنْ قُلْنَا : بِالتَّوْزِيعِ ، وُزِّعَتْ حِصَّةُ ذَلِكَ الْوَارِثِ عَلَى وَرَثَتِهِ ، فَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ ابْنَانِ ، مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنِ ابْنَيْنِ ، حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ ، فَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ ، فَمَاتَ أَخُوهُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ ، وَلَمْ يَتْرُكْ سِوَى هَذَا الْحَالِفِ ، حَلَفَ أَيْضًا ثَلَاثَ عَشْرَةَ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَحْلِفُ الْمَيِّتُ ، وَلَا يَكْفِيهِ إِتْمَامُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ، وَلَوْ مَاتَ وَارِثُ الْقَتِيلِ بَعْدَ حَلْفِهِ ، أَخَذَ وَارِثُهُ مَا كَانَ لَهُ مِنَ الدِّيَةِ ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ نُكُولِهِ ، لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ أَنْ يَحْلِفَ ; لِأَنَّهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنَ الْقَسَامَةِ بِنُكُولِهِ ، لَكِنْ لِوَارِثِهِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=9514لِلْقَتِيلِ ابْنَانِ ، حَلَفَ أَحَدُهُمَا ، وَمَاتَ الْآخَرُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ عَنِ ابْنَيْنِ ، فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ ، وَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَنَكَلَ الْآخَرُ ، وُزِّعَ الرُّبُعُ الَّذِي
[ ص: 21 ] نُكِلَ عَنْهُ عَلَى أَخِيهِ وَعَمِّهِ عَلَى نِسْبَةِ مَا يَأْخُذَانِ مِنَ الدِّيَةِ ، فَيَخُصُّ الْأَخَ أَرْبَعٌ وَسُدُسٌ يُضَمُّ ذَلِكَ إِلَى حِصَّتِهِ فِي الْأَصْلِ ، وَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ وَنِصْفٌ ، فَتَبْلُغُ سِتَّ عَشْرَةَ وَثُلُثَيْنِ فَتَكْمُلُ ، وَقَدْ حَلَفَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ ، فَيَحْلِفُ الْآنَ أَرْبَعًا ، وَيَخُصُّ الْعَمَّ ثَمَانٍ وَثُلُثٌ ، فَيَحْلِفُ تِسْعًا فَيَكْمُلُ لَهُ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ .
فَرْعٌ
جَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي ، أَمَّا إِذَا ادَّعَى الْقَتْلَ بِغَيْرِ لَوْثٍ وَتَوَجَّهَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَهَلْ يُغَلِّظُ عَلَيْهِ بِالْعَدَدِ ؟ قَوْلَانِ ، أَظْهَرُهُمَا : نَعَمْ ; لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رُدَّ عَلَى الْمُدَّعِي مَا تَوَجَّهَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ .
وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي يَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ، وَلَوْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ ، وَنَكَلَ الْمُدَّعِي عَنِ الْقَسَامَةِ ، غُلِّظَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَدَدِ قَطْعًا ، وَقِيلَ : بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ ، فَإِنْ قُلْنَا : بِالتَّعَدُّدِ ، وَكَانَتِ الدَّعْوَى عَلَى جَمَاعَةٍ مَعَ لَوْثٍ أَوْ مَعَ عَدَمِهِ ، فَهَلْ يُقَسَّطُ الْخَمْسُونَ عَلَيْهِمْ بِعَدَدٍ الرُّءُوسِ ، أَمْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ ؟ قَوْلَانِ ، أَظْهَرُهُمَا : الثَّانِي ، فَإِنْ قَسَّطْنَا فَكَانَتِ الدَّعْوَى عَلَى اثْنَيْنِ ، حَاضِرٍ وَغَائِبٍ ، حَلَفَ الْحَاضِرُ خَمْسِينَ ، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ ، حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ، وَإِنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ ، فَنَكَلَ أَحَدُهُمَا ، حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ ; لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنِ الدَّمِ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهَا عَلَى قَوْلِ التَّعَدُّدِ ، وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى النَّاكِلِ خَمْسِينَ ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ وَالْمُدَّعُونَ جَمَاعَةٌ وَقُلْنَا : بِالتَّعَدُّدِ ، فَهَلْ تُوَزَّعُ الْأَيْمَانُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ أَمْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ .
فَرْعٌ
هَذَا الَّذِي سَبَقَ حُكْمُ الْأَيْمَانَ فِي دَعْوَى النَّفْسِ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=9462دَعْوَى [ ص: 22 ] الطَّرْفِ وَالْجَرْحِ ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهَا ، وَلَا اعْتِبَارَ بِاللَّوْثِ ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَهَلْ تَتَعَدَّدُ الْيَمِينُ ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى النَّفْسِ هَلْ تَتَعَدَّدُ ؟ إِنْ قُلْنَا : لَا ، فَهُنَا أَوْلَى ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ ، أَشْبَهَهُمَا بِالتَّرْجِيحِ التَّعَدُّدُ ، قَالَ
ابْنُ الصَّبَّاغِ : هَذَا الْخِلَافُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ الْمَحْضِ ، أَمَّا فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ فَتَتَّحِدُ فِيهِ الْيَمِينُ بِلَا خِلَافٍ ، وَلَمْ يُفَرِّقِ الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي النَّفْسِ ، وَإِذَا قُلْنَا : بِالتَّعَدُّدِ ، فَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ فِيمَا يَدَّعِيهِ قَدْرَ الدِّيَةِ ، فَإِنْ نَقَصَ كَبَدَلِ الْيَدِ وَالْحُكُومَةِ ، فَقَوْلَانِ ، أَظْهَرُهُمَا : يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا أَيْضًا ، وَالثَّانِي : تُوَزَّعُ الْخَمْسُونَ عَلَى الْأَبْدَالِ ، فَفِي الْيَدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ، وَفِي الْمُوضِحَةِ ثَلَاثٌ ، وَلَوْ زَادَ الْوَاجِبَ عَلَى دِيَةٍ نَفْسٍ ، فَهَلْ يُزَادُ فِي قَدْرِ الْأَيْمَانِ بِزِيَادَةِ قَدْرِ الْأُرُوشِ ؟ طَرَدَ الْإِمَامُ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِيهِ ، وَلَوْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي الطَّرَفِ عَلَى جَمَاعَةٍ ، فَهَلْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يَحْلِفُ الْمُنْفَرِدُ ، أَمْ يُوَزَّعُ عَلَى رُءُوسِهِمْ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ ، وَمَتَى نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ الْمَعْرُوضَةِ عَلَيْهِ ، رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَحَلَفَ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُدَّعُونَ ، فَهَلْ تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ الْإِرْثِ ، أَمْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَحْلِفُ الْمُنْفَرِدُ ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ .
فَرْعٌ
كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي شَاهِدٌ ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ ، فَإِنْ قُلْنَا : تَتَّحِدُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي دَعْوَى الدَّمِ ، نُظِرَ ، إِنْ جَاءَ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ أَوْ شَهِدَ عَلَى اللَّوْثِ ، حَلَفَ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَإِنْ جَاءَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَحَافَظَ عَلَى شَرْطِهَا ، حَلَفَ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً ، قَالَ الْإِمَامُ : وَيَثْبُتُ الْمَالُ إِنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى قَتْلَ عَمْدٍ ، فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا ، وَفِي الْمَالِ خِلَافٌ يَأْتِي نَظِيرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَإِذَا قُلْنَا : تَعَدُّدُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا بِكُلِّ حَالٍ .