السبب الخامس : . فإذا قبل لابنه الصغير أو [ ص: 274 ] المجنون نكاحا بمهر المثل أو دونه ، أو بعين من أمواله بقدر مهر المثل أو دونه ، صح . وإن قبله بأكثر من مهر المثل ، فالصداق فاسد . وكذا لو تفريط الولي في قدر المهر ، فسد الصداق . وفي النكاح في المسألتين قولان : أظهرهما : صحته كسائر الأسباب المفسدة ، ويجب مهر المثل . وفيما إذا أصدقها عينا وجه أنه تصح التسمية في قدر مهر المثل . زوج بنته المجنونة أو البكر ، أو الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها بأقل من مهر المثل
والقول الثاني : لا يصح النكاح ; لأنه ترك مصلحة المولى عليه ، فصار كترك الكفاءة . ولو أصدق عن ابنه أكثر من مهر المثل من مال نفسه ، ففيه احتمالان للإمام . أحدهما : يفسد المسمى ; لأنه يتضمن دخوله في ملك الابن ، ثم يكون متبرعا بالزيادة . والثاني : يصح وتستحق المرأة المسمى ; لأنه لا ضرر على الابن ، بل إذا لم نصححه أضررنا به ، فإنه مهر المثل في ماله ، وبهذا الثاني قطع الغزالي والبغوي ، ورجح المتولي والسرخسي في " الأمالي " الاحتمال الأول ، ويتأيد بأنه لو لزم الصبي كفارة قتل فأعتق الولي عنه عبدا لنفسه ، لم يجز لأنه يتضمن دخوله في ملكه وإعتاقه عنه ، وإعتاق عبد الطفل لا يجوز .
فصل
إذا ، فعن اتفقوا على مهر في السر وأعلنوا بأكثر من ذلك - رضي الله عنه - أنه قال في موضع : المهر مهر السر ، وفي موضع : العلانية . الشافعي
وللأصحاب طريقان . أحدهما : إثبات قولين : وفي موضعهما وجهان : أحدهما : موضعهما إذا اتفقوا على ألف ، واصطلحوا على أن يعبروا عن الألف في العلانية بألفين . أظهر القولين وجوب ألفين بجريان [ ص: 275 ] اللفظ الصريح بهما . والثاني : الواجب ألف عملا باصطلاحهما . والوجه الثاني : إثبات قولين مهما اتفقوا على ألف وجرى العقد بألفين وإن لم يتعرضوا للتعبير عن ألف بألفين اكتفاء بقصدهم . قال الإمام : وعلى هذه القاعدة تجري الأحكام المتلقاة من الألفاظ . فلو قال الزوج لزوجته : إذا قلت : أنت طالق ثلاثا ، لم أرد به الطلاق ، وإنما غرضي أن تقومي وتقعدي ، وأريد بالثلاث واحدة ، فالمذهب أنه لا عبرة بذلك . وفي وجه : الاعتبار بما تواضعا عليه .
ثم ما المعنى بما أطلقناه في الوجهين من الاتفاق في السر ، أهو مجرد التراضي والتواعد ؟ أم المراد ما إذا جرى العقد بألف في السر ثم عقدوا بألفين في العلانية ؟ منهم من يشعر كلامه بالأول ، ومقتضى كلام البغوي وغيره إثبات القولين وإن جرى العقدان . قال البغوي : وخرج بعضهم من هذا ، أن المصطلح عليه قبل العقد كالمشروط في العقد ، وقد سبق بيان هذا التخريج . والطريق الثاني وهو المذهب : تنزيل النصين على حالين ، فحيث قال : المهر مهر السر ، أراد إذا عقد في السر بألف ، ثم أتوا بلفظ العقد في العلانية بألفين تحملا وهم متفقون على بقاء العقد الأول . وحيث قال : المهر مهر العلانية ، أراد إذا تواعدوا أن يكون المهر ألفا ، ولم يعقد في السر ثم عقدوا في العلانية ، فالمهر مهر العلانية لأنه العقد .
ونقل الحناطي وغيره في المسألة نصا ثالثا ، وهو أنه يجب مهر المثل ويفسد المسمى ، وحملوه على ما إذا جرى العقد بألفين على أن يكتفى بألف ، أو على أن لا يلزمه إلا أداء ألف . والمعتبر في المسألة توافق الولي والزوج ، وقد يحتاج إلى مساعدة المرأة .