فصل
فيه ثلاثة أقوال : أحدها : بالموت . والثاني : بالقبول . وعلى هذا ، هل الملك قبل القبول للوارث ، أم للميت ؟ وجهان : أصحهما : الأول . والثالث - وهو الأظهر - : أنه موقوف . فإن قبل ، تبينا أنه ملك بالموت ، وإلا بان أنه كان للوارث . ولو أوصى بإعتاق عبد معين بعد موته ، فالملك في العبد إلى أن يعتق للوارث بلا خلاف ؛ لأنه ليس تمليكا . ويتفرع على الأقوال مسائل . متى يملك الموصى له الموصى به ؟
إحداها : كسب العبد ، وثمرة الشجرة ، وسائر زوائد الموصى به ، إن حصلت قبل موت الموصي فهي له ، ولا تتناولها الوصية ، وإن حصلت بعده وبعد قبول الموصى له ، فهي للموصى له ، وإن حصلت بعد موته ، وقبل القبول ، فإن قلنا : يملك بالموت ، فهي للموصى له ، قبل الوصية أو ردها . وفيما إذا ردها وجه : أن الزوائد ترتد [ ص: 144 ] أيضا . وإن قلنا : يملك بالقبول ، لم تكن الزوائد للموصى له ، قبل الوصية أو ردها . وفيما إذا قبل وجه : أنها له ; لأن له حق التمليك من حين الموت ، فهي حادثة في محل حقه . وإن قلنا بالوقف ، فهي موقوفة . فإن قبل فله ، وإلا فلا . وحيث قلنا : ترتد الزوائد ، فإلى من ترتد ؟ وجهان : أحدهما : إلى الموصي ، فتكون من جملة تركته يقضى منها دينه ، وتنفذ وصاياه كالأصل . وأصحهما : أنها للوارث ; لأنها حدثت بعد زوال ملك الموصي . وعلى هذا الخلاف ولد الجارية والبهيمة الموصى بهما ، ويتعلق بهما تفصيل وأحوال نذكرها - إن شاء الله تعالى - على الأثر موضحة .
الثانية : فطرة العبد الموصى به إذا وقع وقت وجوبها بين القبول والموت على من تجب ؟ يخرج على هذه الأقوال . وقد ذكرناه في زكاة الفطر . والنفقة والمؤن المحتاج إليها بين القبول والموت حكمها حكم الفطرة . وقال في الوسيط : إنها على الموصى له إن قبل على كل قول ، وعلى الوارث إن رد على كل قول ، والمعتمد ما نقلناه عن الأصحاب من طرد الخلاف . وإذا توقف الموصى له في القبول والرد ، ألزم النفقة فإن أراد الخلاص رد .
الثالثة : إذا زوج أمته حرا ، وأوصى له بها ، فإن رد الوصية استمر النكاح إلا إذا قلنا : يملك بالموت ، فيفسخ النكاح من يوم الموت وإن كان الملك ضعيفا . وإن قبل انفسخ النكاح ، ويكون الانفساخ من يوم القبول إن قلنا : يملك بالقبول ، ومن يوم الموت على سبيل التبين إن قلنا بالتوقف . وإن كان زوجها وارثه ، ثم أوصى بها لغيره ، فإن قبل الموصى له الوصية استمر النكاح إلا إذا قلنا : الملك يحصل بالقبول ، وإنه قبل القبول للوارث ، فإنه ينفسخ على الأصح . وقيل : لا ، لضعف الملك وإن رد انفسخ النكاح . وفي استناد الفسخ إلى حالة الموت لضعف الملك هذا الخلاف . هذا إذا خرجت الأمة من الثلث ، فإن لم تخرج