nindex.php?page=treesubj&link=6055الركن الرابع : المنفعة ، ولها خمسة شروط .
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=6070أن تكون متقومة وفيه مسائل . أحدها : استئجار تفاحة للشم باطل ، لأنها لا تقصد له ، فلم يصح
nindex.php?page=treesubj&link=6070كشراء حبة حنطة . فإن كثر التفاح ، فالوجه : الصحة ، لأنهم نصوا على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=6070استئجار المسك والرياحين للشم ، ومن التفاح ما هو أطيب من كثير من الرياحين . الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=6070استئجار الدراهم والدنانير ، إن أطلقه ، فباطل ، وإن صرح بالاستئجار للتزيين ، فباطل أيضا على الأصح .
nindex.php?page=treesubj&link=6070واستئجار الأطعمة لتزيين الحوانيت ، باطل على المذهب . وقيل : فيه الوجهان . وفي
nindex.php?page=treesubj&link=6070استئجار الأشجار لتجفيف الثياب عليها ، [ ص: 178 ] والوقوف في ظلها ، وربط الدواب فيها ، الوجهان . قال بعضهم : الأصح هنا : الصحة ، لأنها منافع مهمة ، بخلاف التزيين .
nindex.php?page=treesubj&link=6070واستئجار الببغاء للاستئناس ، قال
البغوي : فيه الوجهان ، وقطع
المتولي بالجواز ، وكذا في كل ما يستأنس بلونه ، كالطاووس ، أو صوته ، كالعندليب .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=6070استئجار البياع على كلمة البيع ، أو كلمة يروج بها السلعة ولا تعب فيها ، باطل ، إذ لا قيمة لها . قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14327محمد بن يحيى : هذا في مبيع مستقر القيمة في البلد ، كالخبز واللحم . أما الثياب والعبيد ، وما يختلف قدر الثمن فيه باختلاف المتعاقدين ، فيختص بيعها من البياع ، لمزيد منفعة وفائدة ، فيجوز الاستئجار عليه . ثم إذا لم يجز الاستئجار ، ولم يتعب البياع ، فلا شيء له . وإن تعب بكثرة التردد ، أو كثرة الكلام في أمر المعاملة ، فله أجرة المثل ، لا ما تواطأ عليه البياعون . الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=6070استئجار الكلب المعلم للصيد والحراسة ، باطل على الأصح ، وقيل : يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=6070كالفهد والبازي والشبكة للاصطياد والهرة لدفع الفأر . الشرط الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=6073أن لا يتضمن استيفاء عين قصدا ، ومقصوده أن الإجارة عقد تراد به المنافع دون الأعيان ، هذا هو الأصل ، إلا أنه قد تستحق بها الأعيان تابعة لضرورة أو حاجة ماسة ، فتلحق تلك الأعيان حينئذ بالمنافع ، وفيه مسائل . إحداها :
nindex.php?page=treesubj&link=6073استئجار البستان لثماره ،
nindex.php?page=treesubj&link=6073والشاة لنتاجها أو صوفها أو لبنها ، باطل . الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=6073الاستئجار لإرضاع الطفل جائز ، ويستحق به منفعة عين . فالمنفعة : أن تضع الصبي في حجرها وتلقمه الثدي وتعصره بقدر الحاجة . والعين : اللبن الذي يمصه الصبي . وإنما جوز لمسيس الحاجة أو الضرورة . وفي الأصل الذي تناوله العقد ، وجهان . أحدهما : اللبن . وأما فعلها ، فتابع ، لأن اللبن مقصود لعينه ، وفعلها طريق إليه . وأصحهما : أنه فعلها ، واللبن مستحق تبعا ، لقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) [ الطلاق : 6 ] ، علق الأجرة بفعل الإرضاع ،
[ ص: 179 ] لا باللبن ، ولأن الإجارة موضوعة للمنافع وإنما الأعيان تتبع للضرورة ، كالبئر تستأجر ليستقى ماؤها ، والدار تستأجر وفيها بئر ، يجوز الاستقاء منها . ثم إن
nindex.php?page=treesubj&link=6073استأجرها للحضانة مع الإرضاع ، جاز ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=6073استأجر للإرضاع ، ونفى الحضانة ، فوجهان . أحدهما : المنع ،
nindex.php?page=treesubj&link=6073كاستئجار الشاة لإرضاع سخلة .
وأصحهما : الجواز ، وبه قطع الأكثرون ، كما يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=6073الاستئجار لمجرد الحضانة . قال الإمام : وهذا الخلاف إذا قصر الإجارة على صرف اللبن إلى الصبي ، وقطع عنه وضعه في حجرها ونحوه ، فأما الحضانة بالتفسير الذي سنذكره إن شاء الله تعالى ، فيجوز قطعها عن الإرضاع بلا خلاف .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=6073استئجار الفحل للضراب ، حكمه ما ذكرناه في كتاب البيع في باب المناهي . الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=6073استئجار القناة للزراعة بمائها ، جائز ، لأنا إن قلنا : الماء لا يملك ، فكالشبكة للاصطياد - وإلا ، فالمنافع آبار الماء وقد جوز واستئجار بئر الماء للاستقاء والتي بعدها مستأجرة لإجراء الماء فيها . وقال
الروياني : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=6073اكترى قرار القناة ليكون أحق بمائها ، جاز في وجه ، وهو الاختيار . والمعروف : منعه . ومقتضى لفظه أن يكون تعريفا على أن الماء لا يملك .
الشرط الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=6070أن تكون المنفعة مقدورا على تسليمها ، فاستئجار الآبق ، والمغصوب ، والأخرس للتعليم ، والأعمى لحفظ المتاع ، إجارة عين ، ومن لا يحسن
[ ص: 180 ] القرآن لتعليمه ، باطل . فإن وسع عليه وقتا يقدر على التعلم قبل التعليم ، فباطل أيضا على الأصح ، لأن المنفعة مستحقة من عينه ، والعين لا تقبل التأخير . وإذا استأجر أرضا للزراعة ، اشترط كون الزراعة متيسرة . والأرض أنواع .
منها :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أرض لها ماء دائم من نهر أو عين أو بئر ونحوها . ومنها :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أرض لا ماء لها ، لكن يكفيها المطر المعتاد ، والنداوة التي تصيبها من الثلوج المعتادة ، أو لا يكفيها ذلك ، لكنها تسقى بماء الثلج والمطر في الجبل ، والغالب فيها الحصول .
ومنها :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أرض لا ماء لها ، ولا تكفيها الأمطار المعتادة ، ولا تسقى بماء غالب الحصول من الجبل ، ولكن إن أصابها مطر عظيم أو سيل ، نادرا ، أمكن زرعها ، فالنوع الأول يصح استئجاره قطعا . والثالث لا يصح قطعا . وفي الثاني وجهان . أصحهما : الجواز ، وبه قطع القاضي
حسين nindex.php?page=showalam&ids=13459وابن كج وصاحب " المهذب " ، بالمنع أجاب
القفال . ومنها :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أرض على شط النيل والفرات وغيرهما ، يعلو الماء عليها ثم ينحسر ، ويكفي ذلك لزراعتها في السنة ، فإن استأجرها للزراعة بعدما علاها الماء وانحسر ، صح ، وإن كان قبل أن يعلوها الماء ، فإن كان لا يوثق به ، كالنيل لا ينضبط أمره ، لم يصح . وإن كان الغالب حصوله ، فليكن على الخلاف في النوع الثاني . وإن كان موثوقا [ به ] كالمد بالبصرة ، صح كماء النهر . فإن تردد في وصول الماء إلى تلك الأرض ، لم يصح ، لأنه كالنوع الثالث . وإن [ كان ] علاها ولم ينحسر ، فإن كان لا يرجى انحساره ، أو يشك فيه ، لم يصح استئجارها ، لأن العجز موجود ، والقدرة مشكوك فيها . وإن رجي انحساره وقت الزراعة بالعادة ، صحت الإجارة على المذهب والمنصوص ، سواء كانت الإجارة لما يمكن زراعته في الماء كالأرز ، أم لغيره ، وسواء كان رأى الأرض مكشوفة أم هي مرئية الآن لصفاء الماء ، أم لم يكن
[ ص: 181 ] شيء من ذلك . وقيل : إن لم تر ، لم يصح في قول . وقيل : لا يصح لغير الأرز ونحوه . وحجة مذهب القياس على ما لو استأجر دارا مشحونة بأمتعة يمكن الاشتغال بنقلها في الحال ، فإنه يجوز على الصحيح ، أما إذا لم تكن مؤنة ، فلإن استتارها بالماء من مصالحها ، فإنه يقويها ويقطع العروق المنتشرة ، فأشبه استتار الجوز بقشره . أما إذا كانت الأرض على شط نهر ، والظاهر أنها تغرق وتنهار في الماء ، فلا يجوز استئجارها . فإن احتمل ولم يظهر ، جاز ، لأن الأصل والغالب السلامة . ويجوز أن تخرج حالة الظهور على تقابل الأصل والظاهر .
إذا عرفت حكم الأنواع ، فكل أرض لها ماء معلوم ، واستأجرها للزراعة مع شربها منه ، فذاك ، وإن استأجرها للزراعة دون شربها ، جاز إن تيسر سقيها من ماء آخر ، وإن أطلق ، دخل فيه الشرب ، بخلاف ما إذا باعها ، لا يدخل الشرب ، لأن المنفعة هنا لا تحصل دون الشرب . هذا إذا طردت العادة بالإجارة مع الشرب ، فإن اضطربت ، فسيأتي حكمه في الباب الثاني إن شاء الله تعالى . وكل أرض منعنا استئجارها للزراعة ، فلو اكتراها لينزل فيها ، أو يسكنها ، أو يجمع الحطب فيها ، أو يربط الدواب ، جاز . وإن اكتراها مطلقا ، نظر ، إن قال : أكريتك هذه الأرض البيضاء ولا ماء لها ، جاز ، لأنه يعرف بنفي الماء أن الإجارة لغير الزراعة . ثم لو حمل ماء من موضع وزرعها ، أو زرعها على توقع حصول ماء ، لم يمنع ، وليس له البناء والغراس فيها ، نص عليه . وإن لم يقل : لا ماء لها ، فإن كانت بحيث يطمع في سوق الماء إليها ، لم يصح العقد ، لأن الغالب في مثلها الاستئجار للزراعة ، فكأنه ذكرها ، وإن كانت على قلة جبل لا يطمع في سوق الماء إليها ، صحح العقد على الأصح اكتفاء بالقرينة ، وإذا اعتبرنا نفي الماء ، ففي قيام علم المتعاقدين مقام التصريح بالنفي ، وجهان . أصحهما : المنع ، لأن العادة في مثلها الاستئجار للزراعة ، فلا بد من الصرف باللفظ .
[ ص: 182 ] واعلم أن في المسألة تصريحا بجواز الاستئجار مطلقا من غير بيان جنس المنفعة ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=6055الرُّكْنُ الرَّابِعُ : الْمَنْفَعَةُ ، وَلَهَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ .
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=6070أَنْ تَكُونَ مُتَقَوَّمَةً وَفِيهِ مَسَائِلُ . أَحَدُهَا : اسْتِئْجَارُ تُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ بَاطِلٌ ، لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لَهُ ، فَلَمْ يَصِحَّ
nindex.php?page=treesubj&link=6070كَشِرَاءِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ . فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ ، فَالْوَجْهُ : الصِّحَّةُ ، لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=6070اسْتِئْجَارِ الْمِسْكِ وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ ، وَمِنَ التُّفَّاحِ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الرَّيَاحِينِ . الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=6070اسْتِئْجَارُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ، إِنْ أَطْلَقَهُ ، فَبَاطِلٌ ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِئْجَارِ لِلتَّزْيِينِ ، فَبَاطِلٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ .
nindex.php?page=treesubj&link=6070وَاسْتِئْجَارُ الْأَطْعِمَةِ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ ، بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ . وَقِيلَ : فِيهِ الْوَجْهَانِ . وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=6070اسْتِئْجَارِ الْأَشْجَارِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا ، [ ص: 178 ] وَالْوُقُوفِ فِي ظِلِّهَا ، وَرَبْطِ الدَّوَابِّ فِيهَا ، الْوَجْهَانِ . قَالَ بَعْضُهُمُ : الْأَصَحُّ هُنَا : الصِّحَّةُ ، لِأَنَّهَا مَنَافِعُ مُهِمَّةٌ ، بِخِلَافِ التَّزْيِينِ .
nindex.php?page=treesubj&link=6070وَاسْتِئْجَارُ الْبَبَّغَاءِ لِلِاسْتِئْنَاسِ ، قَالَ
الْبَغَوِيُّ : فِيهِ الْوَجْهَانِ ، وَقَطَعَ
الْمُتَوَلِّي بِالْجَوَازِ ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يُسْتَأْنَسُ بِلَوْنِهِ ، كَالطَّاوُوسِ ، أَوْ صَوْتِهِ ، كَالْعَنْدَلِيبِ .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=6070اسْتِئْجَارُ الْبَيَّاعِ عَلَى كَلِمَةِ الْبَيْعِ ، أَوْ كَلِمَةٍ يُرَوِّجُ بِهَا السِّلْعَةَ وَلَا تَعَبَ فِيهَا ، بَاطِلٌ ، إِذْ لَا قِيمَةَ لَهَا . قَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14327مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى : هَذَا فِي مَبِيعٍ مُسْتَقِرِّ الْقِيمَةِ فِي الْبَلَدِ ، كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ . أَمَّا الثِّيَابُ وَالْعَبِيدُ ، وَمَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ الثَّمَنِ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، فَيَخْتَصُّ بَيْعُهَا مِنَ الْبَيَّاعِ ، لِمَزِيدِ مَنْفَعَةٍ وَفَائِدَةٍ ، فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ . ثُمَّ إِذَا لَمْ يَجُزِ الِاسْتِئْجَارُ ، وَلَمْ يَتْعَبِ الْبَيَّاعُ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ . وَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ ، أَوْ كَثْرَةِ الْكَلَامِ فِي أَمْرِ الْمُعَامَلَةِ ، فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ، لَا مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْبَيَّاعُونَ . الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=6070اسْتِئْجَارُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ ، بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَقِيلَ : يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=6070كَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَالشَّبَكَةِ لِلِاصْطِيَادِ وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ . الشَّرْطُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=6073أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا ، وَمَقْصُودُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ تُرَادُ بِهِ الْمَنَافِعُ دُونَ الْأَعْيَانِ ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تُسْتَحَقُّ بِهَا الْأَعْيَانُ تَابِعَةً لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مَاسَّةٍ ، فَتَلْحَقُ تِلْكَ الْأَعْيَانُ حِينَئِذٍ بِالْمَنَافِعِ ، وَفِيهِ مَسَائِلُ . إِحْدَاهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=6073اسْتِئْجَارُ الْبُسْتَانِ لِثِمَارِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=6073وَالشَّاةِ لِنِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا أَوْ لَبَنِهَا ، بَاطِلٌ . الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=6073الِاسْتِئْجَارُ لِإِرْضَاعِ الطِّفْلِ جَائِزٌ ، وَيُسْتَحَقُّ بِهِ مَنْفَعَةُ عَيْنٍ . فَالْمَنْفَعَةُ : أَنْ تَضَعَ الصَّبِيَّ فِي حِجْرِهَا وَتُلْقِمَهُ الثَّدْيَ وَتَعْصِرَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ . وَالْعَيْنُ : اللَّبَنُ الَّذِي يَمُصُّهُ الصَّبِيُّ . وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ أَوِ الضَّرُورَةِ . وَفِي الْأَصْلِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ ، وَجْهَانِ . أَحَدُهُمَا : اللَّبَنُ . وَأَمَّا فِعْلُهَا ، فَتَابِعٌ ، لِأَنَّ اللَّبَنَ مَقْصُودٌ لِعَيْنِهِ ، وَفِعْلُهَا طَرِيقٌ إِلَيْهِ . وَأَصَحُّهُمَا : أَنَّهُ فِعْلُهَا ، وَاللَّبَنُ مُسْتَحَقٌّ تَبَعًا ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) [ الطَّلَاقِ : 6 ] ، عَلَّقَ الْأُجْرَةَ بِفِعْلِ الْإِرْضَاعِ ،
[ ص: 179 ] لَا بِاللَّبَنِ ، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلْمَنَافِعِ وَإِنَّمَا الْأَعْيَانُ تُتْبَعُ لِلضَّرُورَةِ ، كَالْبِئْرِ تُسْتَأْجَرُ لِيُسْتَقَى مَاؤُهَا ، وَالدَّارِ تُسْتَأْجَرُ وَفِيهَا بِئْرٌ ، يَجُوزُ الِاسْتِقَاءُ مِنْهَا . ثُمَّ إِنِ
nindex.php?page=treesubj&link=6073اسْتَأْجَرَهَا لِلْحِضَانَةِ مَعَ الْإِرْضَاعِ ، جَازَ ، وَإِنِ
nindex.php?page=treesubj&link=6073اسْتَأْجَرَ لِلْإِرْضَاعِ ، وَنَفَى الْحِضَانَةَ ، فَوَجْهَانِ . أَحَدُهُمَا : الْمَنْعُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=6073كَاسْتِئْجَارِ الشَّاةِ لِإِرْضَاعِ سَخْلَةٍ .
وَأَصَحُّهُمَا : الْجَوَازُ ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ ، كَمَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=6073الِاسْتِئْجَارُ لِمُجَرَّدِ الْحِضَانَةِ . قَالَ الْإِمَامُ : وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا قَصَرَ الْإِجَارَةَ عَلَى صَرْفِ اللَّبَنِ إِلَى الصَّبِيِّ ، وَقَطَعَ عَنْهُ وَضْعَهُ فِي حِجْرِهَا وَنَحْوَهُ ، فَأَمَّا الْحِضَانَةُ بِالتَّفْسِيرِ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَيَجُوزُ قَطْعُهَا عَنِ الْإِرْضَاعِ بِلَا خِلَافٍ .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=6073اسْتِئْجَارُ الْفَحْلِ لِلضِّرَابِ ، حُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ فِي بَابِ الْمَنَاهِي . الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=6073اسْتِئْجَارُ الْقَنَاةِ لِلزِّرَاعَةِ بِمَائِهَا ، جَائِزٌ ، لِأَنَّا إِنْ قُلْنَا : الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ ، فَكَالشَّبَكَةِ لِلِاصْطِيَادِ - وَإِلَّا ، فَالْمَنَافِعُ آبَارُ الْمَاءِ وَقَدْ جُوِّزَ وَاسْتِئْجَارُ بِئْرِ الْمَاءِ لِلِاسْتِقَاءِ وَالَّتِي بَعْدَهَا مُسْتَأْجَرَةٌ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا . وَقَالَ
الرُّوْيَانِيُّ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=6073اكْتَرَى قَرَارَ الْقَنَاةِ لِيَكُونَ أَحَقَّ بِمَائِهَا ، جَازَ فِي وَجْهٍ ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ . وَالْمَعْرُوفُ : مَنْعُهُ . وَمُقْتَضَى لَفْظِهِ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفًا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=6070أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا ، فَاسْتِئْجَارُ الْآبِقِ ، وَالْمَغْصُوبِ ، وَالْأَخْرَسِ لِلتَّعْلِيمِ ، وَالْأَعْمَى لِحِفْظِ الْمَتَاعِ ، إِجَارَةُ عَيْنٍ ، وَمَنْ لَا يُحْسِنُ
[ ص: 180 ] الْقُرْآنَ لِتَعْلِيمِهِ ، بَاطِلٌ . فَإِنْ وَسَّعَ عَلَيْهِ وَقْتًا يَقْدِرُ عَلَى التَّعَلُّمِ قَبْلَ التَّعْلِيمِ ، فَبَاطِلٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ عَيْنِهِ ، وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ . وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ ، اشْتَرَطَ كَوْنَ الزِّرَاعَةِ مُتَيَسِّرَةً . وَالْأَرْضُ أَنْوَاعٌ .
مِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أَرْضٌ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ وَنَحْوِهَا . وَمِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أَرْضٌ لَا مَاءَ لَهَا ، لَكِنْ يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ ، وَالنَّدَاوَةُ الَّتِي تُصِيبُهَا مِنَ الثُّلُوجِ الْمُعْتَادَةِ ، أَوْ لَا يَكْفِيهَا ذَلِكَ ، لَكِنَّهَا تُسْقَى بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْمَطَرِ فِي الْجَبَلِ ، وَالْغَالِبُ فِيهَا الْحُصُولُ .
وَمِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أَرْضٌ لَا مَاءَ لَهَا ، وَلَا تَكْفِيهَا الْأَمْطَارُ الْمُعْتَادَةُ ، وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ مِنَ الْجَبَلِ ، وَلَكِنْ إِنْ أَصَابَهَا مَطَرٌ عَظِيمٌ أَوْ سَيْلٌ ، نَادِرًا ، أَمْكَنَ زَرْعُهَا ، فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُ قَطْعًا . وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ قَطْعًا . وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : الْجَوَازُ ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي
حُسَيْنٌ nindex.php?page=showalam&ids=13459وَابْنُ كَجٍّ وَصَاحِبُ " الْمُهَذَّبِ " ، بِالْمَنْعِ أَجَابَ
الْقَفَّالُ . وَمِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=6062أَرْضٌ عَلَى شَطِّ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ وَغَيْرِهِمَا ، يَعْلُو الْمَاءُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَنْحَسِرُ ، وَيَكْفِي ذَلِكَ لِزِرَاعَتِهَا فِي السَّنَةِ ، فَإِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ بَعْدَمَا عَلَاهَا الْمَاءُ وَانْحَسَرَ ، صَحَّ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَعْلُوَهَا الْمَاءُ ، فَإِنْ كَانَ لَا يُوثَقُ بِهِ ، كَالنِّيلِ لَا يَنْضَبِطُ أَمْرُهُ ، لَمْ يَصِحَّ . وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ حُصُولَهُ ، فَلْيَكُنْ عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي . وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا [ بِهِ ] كَالْمَدِّ بِالْبَصْرَةِ ، صَحَّ كَمَاءِ النَّهْرِ . فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى تِلْكَ الْأَرْضِ ، لَمْ يَصِحَّ ، لِأَنَّهُ كَالنَّوْعِ الثَّالِثِ . وَإِنْ [ كَانَ ] عَلَاهَا وَلَمْ يَنْحَسِرْ ، فَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى انْحِسَارُهُ ، أَوْ يُشَكُّ فِيهِ ، لَمْ يَصِحَّ اسْتِئْجَارُهَا ، لِأَنَّ الْعَجْزَ مَوْجُودٌ ، وَالْقُدْرَةَ مَشْكُوكٌ فِيهَا . وَإِنْ رُجِيَ انْحِسَارُهُ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ بِالْعَادَةِ ، صَحَّتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْإِجَارَةُ لِمَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهُ فِي الْمَاءِ كَالْأُرْزِ ، أَمْ لِغَيْرِهِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَأَى الْأَرْضَ مَكْشُوفَةً أَمْ هِيَ مَرْئِيَّةٌ الْآنَ لِصَفَاءِ الْمَاءِ ، أَمْ لَمْ يَكُنْ
[ ص: 181 ] شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . وَقِيلَ : إِنْ لَمْ تُرَ ، لَمْ يَصِحَّ فِي قَوْلٍ . وَقِيلَ : لَا يَصِحُّ لِغَيْرِ الْأُرْزِ وَنَحْوِهِ . وَحُجَّةُ مَذْهَبِ الْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوِ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ يُمْكِنُ الِاشْتِغَالُ بِنَقْلِهَا فِي الْحَالِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ ، أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ مُؤْنَةٌ ، فَلِإِنَّ اسْتِتَارَهَا بِالْمَاءِ مِنْ مَصَالِحِهَا ، فَإِنَّهُ يُقَوِّيهَا وَيَقْطَعُ الْعُرُوقَ الْمُنْتَشِرَةَ ، فَأَشْبَهَ اسْتِتَارَ الْجَوْزِ بِقِشْرِهِ . أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَغْرَقُ وَتَنْهَارُ فِي الْمَاءِ ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا . فَإِنِ احْتَمَلَ وَلَمْ يَظْهَرْ ، جَازَ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ . وَيَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ حَالَةُ الظُّهُورِ عَلَى تَقَابُلِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ .
إِذَا عَرَفْتَ حُكْمَ الْأَنْوَاعِ ، فَكُلُّ أَرْضٍ لَهَا مَاءٌ مَعْلُومٌ ، وَاسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ مَعَ شُرْبِهَا مِنْهُ ، فَذَاكَ ، وَإِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِلزِّرَاعَةِ دُونَ شُرْبِهَا ، جَازَ إِنْ تَيَسَّرَ سَقْيُهَا مِنْ مَاءٍ آخَرَ ، وَإِنْ أَطَلَقَ ، دَخَلَ فِيهِ الشُّرْبُ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا بَاعَهَا ، لَا يَدْخُلُ الشُّرْبُ ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَا لَا تَحْصُلُ دُونَ الشُّرْبِ . هَذَا إِذَا طُرِدَتِ الْعَادَةُ بِالْإِجَارَةِ مَعَ الشُّرْبِ ، فَإِنِ اضْطَرَبَتْ ، فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَكُلُّ أَرْضٍ مَنَعْنَا اسْتِئْجَارَهَا لِلزِّرَاعَةِ ، فَلَوِ اكْتَرَاهَا لِيَنْزِلَ فِيهَا ، أَوْ يَسْكُنَهَا ، أَوْ يَجْمَعَ الْحَطَبَ فِيهَا ، أَوْ يَرْبُطَ الدَّوَابَّ ، جَازَ . وَإِنِ اكْتَرَاهَا مُطْلَقًا ، نُظِرَ ، إِنْ قَالَ : أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ وَلَا مَاءَ لَهَا ، جَازَ ، لِأَنَّهُ يَعْرِفُ بِنَفْيِ الْمَاءِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ . ثُمَّ لَوْ حَمَلَ مَاءً مِنْ مَوْضِعٍ وَزَرَعَهَا ، أَوْ زَرَعَهَا عَلَى تَوَقُّعِ حُصُولِ مَاءٍ ، لَمْ يُمْنَعْ ، وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِيهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ . وَإِنْ لَمْ يَقُلْ : لَا مَاءَ لَهَا ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يُطْمَعُ فِي سَوْقِ الْمَاءِ إِلَيْهَا ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ ، لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مِثْلِهَا الِاسْتِئْجَارُ لِلزِّرَاعَةِ ، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهَا ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَا يُطْمَعُ فِي سَوْقِ الْمَاءِ إِلَيْهَا ، صُحِّحَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا نَفْيَ الْمَاءِ ، فَفِي قِيَامِ عِلْمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِالنَّفْيِ ، وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : الْمَنْعُ ، لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مِثْلِهَا الِاسْتِئْجَارُ لِلزِّرَاعَةِ ، فَلَا بُدَّ مِنَ الصَّرْفِ بِاللَّفْظِ .
[ ص: 182 ] وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ تَصْرِيحًا بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ بَيَانِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .