مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن ، رجع عليه شريكه بنصف ما أقر بقبضه ، وعتق نصيبه وقوم عليه نصيب شريكه إن كان موسرا " . ادعى أنه دفع جميع الكتابة إلى أحدهما ، فقال المدعى عليه : بل دفعه إلينا جميعا
[ ص: 205 ] قال الماوردي : وصورتها أن يدعي هذا المكاتب بين شريكين أنه دفع جميع مال الكتابة إلى أحدهما ليأخذ منه النصف الذي يستحقه ويدفع إلى شريكه النصف الذي يستحقه ، فللمدعى عليه في تصديقه حالتان :
إحداهما : أن يقول : دفعت ذلك إلينا جميعا ، فعتقت حصتي بقبضي ، وعتقت حصة شريكي بإقباضك له ، وينكر الشريك الآخر أن يكون قد قبض شيئا ، فتعتق حصة المصدق بهذا الإقرار ، ويكون القول قول المنكر أنه ما قبض حقه ، ولا يمين عليه ، لأنه لم يدع واحد منهما عليه أنه أقبضه ، لأن المكاتب يقول : دفعتها إلى المقر ليدفعها إليه ، والمقر يقول : إنما دفعها المكاتب إليه ولم يدع واحد منهما تسليمها إليه ، فلذلك سقطت اليمين عنه ، وهو بعد إنكاره مخير بين أن يرجع على المكاتب بجميع حقه ، وبين أن يرجع على المقر بنصفه " وعلى المكاتب بنصفه ، ولا يرجع المقر على المكاتب بما أخذه المنكر منه ، على ما ذكرنا ، فإن استوفى المنكر حقه منها أو من المكاتب فقد عتقت حصته وصار جميعه حرا ، وإن لم يستوفه كان له تعجيز المكاتب في حصته واسترقاقها ، فأدى له مسترقها قومت على المقر ، وسرى العتق إلى جميع المكاتب ، فعتق كله ، نص عليه الشافعي بخلاف المسألة المتقدمة ، لأن المكاتب يقول : قد عتقت بالأداء ، وإنما أنت أيها المقر ظلمتني بتأخير الأداء وإبطال العتق ، وفي هذا التعليل أيضا دخل ، وليس بين المسألتين عندي فرق يصح ، والله أعلم .