فصل : وأما : فقد حكي عن القدر علي عليه السلام أنه قدره بالربع ، ورواه مرفوعا ، ومذهب الشافعي أنه غير مقدر بالشرع ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنه معتبر بما أطلق عليه اسم الإيتاء ، من قليل أو كثير ، حتى لو أعطاه درهما من الورق أجزأ ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي ؛ لأنه ما لم يتقدر بشرع ولا عرف اعتبر فيه ما ينطلق عليه الاسم .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، أنه يتقدر بالاجتهاد من مثل تلك الكتابة ، كالمتعة التي روعي فيها عند إطلاقها متعة المثل ، اعتبارا بحال الزوجين ، ولم يراع فيها ما انطلق عليه الاسم ، كذلك هاهنا ، لأن ما انطلق عليه الاسم قليل لا يؤثر على المكاتب في معونته .
[ ص: 190 ] وإذا كان كذلك اعتبر بثلاثة أمور :
أحدها : كثرة مال الكتابة وقلته ، فيكون ما يعطى من الكثير أكثر ومن القليل أقل .
والثاني : قوة المكاتب وضعفه ، فيعطى الضعيف الكسب أكثر ، والقوي الكسب أقل .
والثالث : يسار السيد وإعساره ، فيعطيه الموسر أكثر ، والمعسر أقل ، فيعتبر في الاجتهاد بهذه الثلاثة ، فما أدى الاجتهاد إليه من قدر ، فهو المستحق في الإيتاء ، إلا أن يتفقا فيه على زيادة أو نقصان ، فيمضي على اتفاقهما فيما قل أو كثر .
فإن اختلفا فيه قدره الحاكم باجتهاده ، وكان ما أداه اجتهاده إليه هو القدر المستحق .