فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا [ سواء كان الباقي قليلا أو كثيرا ، ترك وفاء أو لم يترك ، خلف ولدا أو لم يخلف . وقال ومات المكاتب قبل الأداء مات عبدا أبو حنيفة : إن لم [ ص: 182 ] يخلف وفاء مات عبدا ، وإن خلف وفاء عتق بآخر أجزاء حياته ، ومات حرا . وقال مالك : إن لم يخلف ولدا مات عبدا ] .
وإن خلف ولدا مملوكا ولد في كتابته من أمته أجبر على الأداء إن خلف وفاء ، ليعتق بأدائه فيتبعه في عتقه ، وإن لم يخلف وفاء أجبر على الكسب ، ليؤديه فيعتق به تبعا لأبيه .
ولو كان ميراثه لولده المملوك دون الحر ليؤديه في كتابة أبيه استدلالا بأن ما لم ينفسخ من عقود المعاوضات بموت أحد المتعاقدين ، لم ينفسخ بموت الآخر كالبيع ، لأن من تمت به الكتابة لم ينفسخ بموته كالسيد . ترك المكاتب ولدين أحدهما حر والآخر مملوك
ولأن مال الكتابة متعلق بذمته في حياته ، فوجب أن يتعلق بتركته بعد وفاته كالدين .
ودليلنا : هو أن العتق والإبراء يقومان في عتق المكاتب مقام الأداء ، فإذا لم يعتق بإبرائه وعتقه بعد الموت ، فأولى أن لا يعتق بالأداء بعد الموت .
وتحريره قياسا أن ما عتق به المكاتب في حال الحياة لم يعتق به بعد الوفاة كالإبراء والعتق .
ولأن يقتضي أن يموت عبدا كالذي لم يخلف وفاء ، ولا ولدا ، ولأن عتقه بعد الموت لا يخلو إما أن يتعلق بآخر أجزاء حياته ، أو يتعلق بالأداء بعد موته ، فإن تعلق بآخر أجزاء حياته لم يجز ، لأنه تحرير عتق قبل وجود الأداء ، وهذا لا يجوز في حال الحياة ، فكان أولى أن لا يجوز بعد موته ، وإن عتق بالأداء بعد الموت لم يجز ، لأن موت المكاتب قبل الأداء كالعبد القن ، وكما لو لم يلفظ سيده بالعتق . من مات عبدا لم يعتق بعد موته
فأما الجواب عن قياسهم على البيع : فهو أنه لما لم ينفسخ بعد الموت بالإعسار لم ينفسخ باليسار . ولما انفسخت الكتابة بموت المعسر انفسخت بموت الموسر .
وأما قياسهم على موت السيد مع افتراقهما بما ذكرنا في اللزوم فالجواب عنه : أن السيد موروث ، فجاز أن يقوم وارثه مقامه في بقاء العقد في حقه ، فانقطع بموته حكم ما لم يبرم من عقوده . والمكاتب غير موروث
وأما استدلالهم بتعلقه في ذمته كالدين فالجواب عنه : أن المكاتب لما لم يتعلق [ ص: 183 ] بتركته حق ورثته لم يتعلق به دين كتابته ، ألا ترى لو ترك أقل من الوفاء لم يورث عنه ، وصار إلى سيده ملكا . والله أعلم .