فصل : وأما القسم الثاني : في فجميع أهلها يتحاصون في الثلث إذا ضاق عنها ، يستوي فيه من تقدمت الوصية له ومن تأخرت ، وسواء كان هبة أو محاباة ، وأحسب اشتمال الوصية على العطايا دون العتق ، أبا حنيفة يوافق على هذا ، ويستهمون في الثلث على قدر وصاياهم إذا اختلفت مقاديرها ، فإن رد بعضهم الوصية توفرت على الباقين في زيادة حقوقهم ، ولم يقدم بعضهم بالقرعة على بعض بخلاف العتق الموجب لتكميله بالقرعة في بعضهم ، لما قدمنا من الفرق بينهما .
ولهذا الفصل أحكام قد تقدم ذكرها في الوصايا ، وما حدث من نتاج ماشية أو ثمار نخيل أو كسب عبيد قبل موت الموصي تركة يتسع لها الثلث في تنفيذ الوصايا ، وما حدث بعد موته للورثة لا يتسع لها الثلث في حقوق أهل الوصايا . وأما في منها إذا ضاقت التركة عنها ، ففيه وجهان : قضاء الديون
أحدهما : وهو مذهب الشافعي : لا تقضى منها الديون كما لم تنفذ منها الوصايا .
والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : تقضى منها الديون ، وإن لم تنفذ منها الوصايا لحدوثها عن التركة المستحقة في الديون بخلاف الوصايا ؛ لأن للورثة شركة في الوصايا بالثلثين ، وليس لهم شركة في الدين .