الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا كان ظهور الدين بعد تحرير العتق بالقرعة .

                                                                                                                                            مثاله : أن يقرع بين العبيد الأربعة ، فيعتق منهم عبد وثلث ، ثم تظهر عليه مائة درهم دينا لم يعلم به قبل القرعة ، - ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو مذهب الشافعي المنصوص عليه في المبسوط من كتاب ( الأم ) أن قرعة العتق ماضية ، ويباع في الدين بما استرقه الورثة ، وهو عبدان وثلثا عبد بمائة لقضائه للدين إن لم يقضوه من أموالهم ، وهم بالخيار في بيع من شاءوا منهم بغير قرعة ؛ لأنه لا حق فيهم للمعتق ، فلم يحتج في بيعه إلى قرعة ، ويبقى معهم عبدان وثلثان ، وقد صارت التركة بعد قضاء الدين ثلاثة عبيد قيمتهم ثلاثمائة ، فيبقى للورثة تمام حقهم في الثلثين ثلث عبد ، وقد خرج بالعتق عبد وثلث ، فيقرع بين العبد والثلث ، ليسترق منهما ثلث عبد يستكمل به الورثة ثلثي التركة ، فإن خرجت قرعة الرق على ثلث العبد رق للورثة ، وتحرر عتق الآخر كله ، وإن خرجت على هذا الآخر الكامل العتق قرعة الرق رق ثلثه ، وعتق ثلثاه والثلث الآخر ، وصار عتق العبد مبعضا في عبدين ، فهذا حكم الوجه الأول في استيفاء حكم القرعة الأولى .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول طائفة من أصحاب الشافعي أن قرعة العتق تبطل بظهور الدين بعدها ، كما كانت تبطل بظهور الدين قبلها ؛ لأنها وقعت في غير حقها كأخوين اقتسما تركة ثم ظهر لهما أخ ثالث بطلت قسمتهما ، ووجب أن يستأنفاها مع الثالث ، فعلى هذا تنقض القرعة ، ويعود من أعتق بها إلى الحكم الأول ، ويبتدئ فيقرع بين الأربعة ، فيباع فيه أحدهم ، ويبقى بعد المبيع في الدين ثلاثة يستحق عتق أحدهم ، فيقرع بينهم للعتق ، ويعلق منهم من قرع ، ويرق الآخران .

                                                                                                                                            والوجه الأول أصح ؛ لأنه تحفظ به حرية من عتق وعبودية من رق ، وعلى هذا الوجه الثاني قد يعتق به من رق ، ويرق به من عتق . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية