فصل : فإن ، بصحته أو وجده ، وقلنا : إنه لا يجوز أن يعمل به ، فعليه أن يجمع أهل الذمة من جميع الأمصار ، ويسألهم عن قدر جزيتهم ، والأولى أن يسألهم أفرادا غير مجتمعين ، فإذا اعترفوا بقدر يجوز أن يكون جزية لم يقبل منهم ، وكان معهم على ما مضى ، لو صولحوا على ما لا يجوز . لم يجد الإمام ما يعمل عليه من جزيتهم من خبر مستفيض ، ولا شهادة خاصة ، ولا ديوان موثوق
وإن اعترفوا بقدر يجوز أن يكون جزية قبله منهم ، ولهم فيه حالتان .
إحداهما : أن يتفقوا جميعا على القدر ، فيعمل عليه مع جميعهم بعد إحلافهم عليه ، واليمين واحدة .
والحال الثانية : أن يختلفوا فيها ، فيقر بعضهم بدينار ، ويقر بعضهم بأكثر ، فيلزم كل واحد منهم ما أقر به ، ولا تقبل شهادة بعضهم على بعض - وإن جوزه أبو حنيفة - ويكتب الإمام في ديوان الجزية أنه رجع إلى قولهم حين أشكل عليهم صلحهم ، فاعترفوا بكذا وكذا .
وإن اختلفوا أثبت أسماء المختلفين ، وما لزم كل واحد بإقراره ، وأنه أمضاه بعد إحلافه ، لجواز أن تتجدد بينة عادلة ، يخالفها ، فيحكم بها ، وإن قامت بينة بأكثرهما [ ص: 334 ] أقروا به عمل عليها ، واستوفى ما لم يأخذه من الزيادة ، وعاد إلى ديوانه ، فأثبت ما قامت به البينة بعد ما أخذ من الإقرار ، وصار ذلك حكما مؤبدا ، والله أعلم .