الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن لم يجد الإمام ما يعمل عليه من جزيتهم من خبر مستفيض ، ولا شهادة خاصة ، ولا ديوان موثوق ، بصحته أو وجده ، وقلنا : إنه لا يجوز أن يعمل به ، فعليه أن يجمع أهل الذمة من جميع الأمصار ، ويسألهم عن قدر جزيتهم ، والأولى أن يسألهم أفرادا غير مجتمعين ، فإذا اعترفوا بقدر يجوز أن يكون جزية لم يقبل منهم ، وكان معهم على ما مضى ، لو صولحوا على ما لا يجوز .

                                                                                                                                            وإن اعترفوا بقدر يجوز أن يكون جزية قبله منهم ، ولهم فيه حالتان .

                                                                                                                                            إحداهما : أن يتفقوا جميعا على القدر ، فيعمل عليه مع جميعهم بعد إحلافهم عليه ، واليمين واحدة .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يختلفوا فيها ، فيقر بعضهم بدينار ، ويقر بعضهم بأكثر ، فيلزم كل واحد منهم ما أقر به ، ولا تقبل شهادة بعضهم على بعض - وإن جوزه أبو حنيفة - ويكتب الإمام في ديوان الجزية أنه رجع إلى قولهم حين أشكل عليهم صلحهم ، فاعترفوا بكذا وكذا .

                                                                                                                                            وإن اختلفوا أثبت أسماء المختلفين ، وما لزم كل واحد بإقراره ، وأنه أمضاه بعد إحلافه ، لجواز أن تتجدد بينة عادلة ، يخالفها ، فيحكم بها ، وإن قامت بينة بأكثرهما [ ص: 334 ] أقروا به عمل عليها ، واستوفى ما لم يأخذه من الزيادة ، وعاد إلى ديوانه ، فأثبت ما قامت به البينة بعد ما أخذ من الإقرار ، وصار ذلك حكما مؤبدا ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية