الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا تعذر أخذ الجزية من الذمي حتى مضت عليه سنوات لم تتداخل ، وأخذت منه جزية ما مضى من السنين كلها .

                                                                                                                                            [ ص: 316 ] وقال أبو حنيفة : تتداخل ، ولا يؤخذ منه إلا جزية سنة واحدة ، استدلالا بأن الجزية عقوبة ، فوجب أن لا تتداخل كالحدود .

                                                                                                                                            ودليلنا : هو أنها مال يتكرر وجوبه في كل حول ، فوجب أن لا يتداخل كالزكاة والدية على العاقلة ، ولأن الجزية معاوضة عن حقن الدم والمساكنة ، فوجب أن لا تتداخل كالأجرة .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قياسه على الحدود مع انتقاضه بمن أفطر بجماع في شهر رمضان ، ثم أفطر فيه في يوم ثان ، لم تتداخل الكفارتان ، وإن كانتا من جنس واحد ، فهو أن المعنى في الحدود أن لا مال فيها ، فجاز أن تتداخل كالقطع في السرقة ، والجزية مال ، فلم تتداخل ، كالمال فيها .

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا ، وغاب الذمي سنين ثم عاد مسلما ، وادعى تقدم إسلامه ، وسقوط جزيته في جميع مدته ، قال الشافعي : قبل قوله في سقوطها عنها ، وأحلف إن اتهم .

                                                                                                                                            قال الربيع : وفيها قول آخر : أنه لا يقبل منه إلا ببينة : لأنها على أصل الوجوب ، فلم تسقط بمجرد الدعوى .

                                                                                                                                            والأشبه أنه قال مذهبا لنفسه ، وليس يصح : لأنه خلف في أصل الوجوب ، والأصل براءة الذمة ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية