الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثاني : وهو من يشترط له من الأضياف ، فهم أهل الفيء من المجتازين بهم دون المقيمين بينهم : لأن الضيافة جزية ، والجزية لأهل الفيء خاصة : فعلى هذا تكون مقصورة على الجيش المجاهدين خاصة ، أو تكون لهم ولغيرهم من أهل الفيء على قولين من مصرف مال الفيء ، هل يختص بالجيش أو يعم جميع أهل الفيء ؟ فإن شرطت الضيافة لغير أهل الفيء من تجار المسلمين ، وجميع السابلة جاز على الوجه الأول إذا قيل : إنها تشترط بعد الدينار ، ولم تجز على الوجه الثاني إذا قيل : يجوز الاقتصار عليها وحدها ، فإن أراد الضيف أن يأخذ منهم قدر ضيافته ، ولا يأكل من عندهم نظر .

                                                                                                                                            فإن طالبهم بثمن الضيافة لم يلزمهم دفعه ، وإن طالبهم بطعام الضيافة لزمهم دفعه ، وفارق ما أبيح من أكل طعام الولائم الذي لا يجوز أخذه : لأن هذه معارضة ، والوليمة مكرمة ، ولا يطالبهم بطعام الأيام الثلاثة في الأول منها : لأنه مؤجل فيها ، فلا يطالبون به قبل حلوله ، ويطالب في كل يوم بقدر ضيافته ، فإن لم يطالب بضيافة اليوم [ ص: 305 ] حتى مضى لم يجز أن يطالبهم به على الوجه الأول إذا جعل تبعا للدينار ، وجاز أن يطالبهم به على الوجه الثاني إذا جعل مقصودا كالدينار .

                                                                                                                                            ولو تكاثر أهل الذمة على ضيف تنازعوه كان الخيار إلى الضيف دون المضيف في نزوله على من يشاء منهم بغير قرعة ، ولو تكاثر الأضياف على المضيف كان الخيار إلى المضيف دون الأضياف إلا أن يقصر عدد أهل الناحية عن إضافة جميعهم ، فيقرع بينهم ، ويضيف كل واحد منهم من قرع ، والأولى أن يكون للأضياف عريف يكون هو المرتب لهم ، لينقطع التنازع بينهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية