الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولكن لو التحموا فكان يتكامل التحامهم أن يفعلوا ذلك رأيت لهم أن يفعلوا وكانوا مأجورين لأمرين : أحدهما : الدفع عن أنفسهم ، والآخر : نكاية عدوهم ، ولو كانوا غير ملتحمين فترسوا بأطفالهم ، فقد قيل : يضرب المتترس منهم ولا يعمد الطفل وقد قيل يكف " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما ذكر إذا تترس المشركون بأطفالهم لعلمهم أن شرعنا يمنع من تعمد قتلهم ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            [ ص: 187 ] أحدهما : أن يفعلوا ذلك في التحام القتال مع إقبالهم على حربنا فلا يمنع ذلك من قتالهم ولا حرج فيما أفضى منه إلى قتل أطفالهم لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ترك قتالهم بهذا مفض إلى ترك جهادهم .

                                                                                                                                            والثاني : أنهم مقبلون على حربنا فحرم أن نولي عنهم .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يتترسوا بهم في غير التحام القتال عند متاركتهم لنا ، وقد بدأنا بقتالهم وهم في حصارنا ، فخافونا فيه ففعلوا ذلك ، لنمتنع عن رميهم ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يفعلوا ذلك مكرا منهم ، فلا يوجب ذلك ترك حصارهم ، ولا الامتناع من رميهم ولو أفضى إلى قتل أطفالهم .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يفعلوه دفعا عنهم فلا يمنع ذلك من حصارهم ، وفي المنع من رميهم وضربهم قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لا يمنع من رميهم كالمقاتلين تغليبا لفرض الجهاد .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن يمنع من رميهم ، ويؤخر الكف عنهم بخلاف المقاتلين : لأن جهادهم ندب وجهاد المقاتلين فرض ، وإذا قابل الندب حظر كان حكم الحظر أغلب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية