الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن قتل مسلم هذا الأسير فلا يخلو حال قتله من أحد أمرين .

                                                                                                                                            إما أن يكون بعد نفوذ حكم الإمام فيه ، أو يكون قبله .

                                                                                                                                            فإن قتله بعد نفوذ حكم الإمام فيه ، فلا يخل حكمه من أحد أربعة أحكام :

                                                                                                                                            [ ص: 178 ] أحدها : أن يكون قد حكم بقتله ، فلا ضمان على قاتله ، لكن يعزر لافتياته على الإمام في قتل من لم يأمره بقتله وإن كان قتله مباحا .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون الإمام قد استرقه فيضمنه قاتله بقيمته عبدا ، وتكون القيمة من الغنيمة تقسم بين الغانمين .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون الإمام قد فادى به على مال أو أسرى فهذا على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يقتله قبل فرض الإمام فداء فيضمن ديته من مال الغنيمة : لأنه صار له بالفداء أمان فيضمن ديته ، وصار بقاء الفداء موجبا لصرف الدية إلى الغنيمة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يقتله بعد فرض الإمام فداء وقبل إطلاقه فيضمنه بالدية لورثته دون الغانمين لاستيفاء فدائه .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يقتله بعد قبض فدائه وإطلاقه إلى مأمنه ، فلا ضمان عليه لعوده إلى ما كان عليه قبل أسره .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : من أقسام الأصل أن يكون الإمام قد من عليه فقتله بعد المن ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقتله قبل حصوله في مأمنه فيضمنه بالدية لورثته .

                                                                                                                                            والثاني : أن يقتله بعد حصوله في مأمنه فلا يضمنه ويكون دمه هدرا .

                                                                                                                                            وأما إذا قتله قبل أن يقضي الإمام فيه بأحد هذه الأحكام الأربعة فلا ضمان عليه : لكن يعزر أدبا ، وقال الأوزاعي : يضمنه بالدية للغانمين لافتياته عليهم ، وهذا خطأ لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه على أصل الإباحة ما لم يحدث حظر فأشبه المرتد .

                                                                                                                                            والثاني : أن قتل الإمام له لما لم يوجب ضمانا لم يوجب قتل غيره كالحربي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية