الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفداء بالمال ، فمن علم أنه كثير المال ، مأمون العاقبة ، وافتدى نفسه بمال ، قبل منه الفداء ، وأطلقه عليه ، وكان المال المأخوذ منه غنيمة تقسم بين [ ص: 177 ] الغانمين ، ويكون الذي استأسره في فدائه وغيره من الغانمين سواء كما يكون الغانم للمال وغيره فيه سواء .

                                                                                                                                            فإن قيل : فقد كان فداء أسرى بدر بأخذه من استأسرهم ، ولذلك سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أبي العاص بن الربيع ، وقد أسر يوم بدر ، وهو زوج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنفذت في جملة فدائه قلادة كانت لها جهزتها بها خديجة ، فلما أبصرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفها ورق لها ، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا فلولا حقهم فيه لتفرد بالرد ، ولما سألهم ، فعنه ثلاثة أجوبة :

                                                                                                                                            أحدها : أنه قال ذلك : استطابة لقلوبهم وإن كان أمره فيه نافذا .

                                                                                                                                            والثاني : أنه كان قبل أن يستقر حكم الأسرى والغنائم .

                                                                                                                                            والثالث : أنه حق لجميعهم لا لواحد منهم فاستطاب نفوسهم فيه .

                                                                                                                                            وأما الفداء والأسرى : فهو لمن كان في أيدي قومه أسرى من المسلمين ، وهم مشفقون عليه من الأسرى ومفتدون له بمن في أيديهم ، فيفادي به من قدر عليه من أسرى المسلمين ، والأولى أن يأخذ به أكثر منه ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فادى كل رجل من المشركين برجلين من المسلمين ، فإن لم يقدر أن يفادي كل رجل إلا برجل جاز ، ولو دعته الضرورة أن يفادي رجلين من المشركين برجل من المسلمين فعل ، فهذا حكم الفداء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية