الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ثم لم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد خروجه من الشعب على حاله التي كان عليها ، لا يصل إليه مكروه ، حتى مات عمه أبو طالب ، وماتت خديجة في عام واحد ، وذلك قبل هجرته إلى المدينة بثلاث سنين ، فناله الأذى بعد ذلك ، حتى نثر بعض سفهاء قريش التراب على رأسه ، فدخل بيته ، فرأت إحدى بناته التراب على رأسه ، فبكت فقال : لا تبكي فإن الله يمنع أباك .

                                                                                                                                            وخرج إلى الطائف ليمتنع ، ويستنصر ثقيفا ، فلما انتهى إليها عمد إلى ساداتها وهم ثلاثة أخوة : عبد ياليل ، ومسعود ، وحبيب بنو عمرو بن عمير ، فكلمهم ودعاهم إلى [ ص: 18 ] الإسلام وإلى نصرته فردوه ردا قبيحا ، وأغروا به عبيدهم وسفهاءهم فاتبعوه يرمونه بالأحجار ، حتى دميت قدماه فرجعوا عنه ، ومال إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة فاستند إليه : ليستروح مما ناله ، فرآه عتبة ، وشيبة ، فرقا له بالرحم مما لقي ، وأنفذا إليه طبق عنب مع غلام لهما نصراني يقال له " عداس " فلما مد يده ليأكل منه سمى الله ، فاستخبره " عداس " عن أمره ، فأخبره وعرف نبوته ، فقبل يديه ، وقدميه ، فلما عاد " عداس " إلى عتبة وشيبة ، فقالا له : رأيناك فعلت معه ما لم تفعله معنا ؟ قال : لأنه نبي ، فقالا : فتنك عن دينك ، ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد مكة حتى إذا صار بنخلة اليمامة فقام في الليل يصلي ، ويقرأ ، فمر به سبعة نفر من الجن قيل : إنهم من جن نصيبين اليمن فاستمعوا له ، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين ، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا ، فكان ما قصه الله تعالى في كتابه : وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن [ الأحقاف : 29 ] .

                                                                                                                                            وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وقريش على أشد ما كانت عليه من خلافه ، وفراق دينه .

                                                                                                                                            وقيل : إنه دخل في جوار المطعم بن عدي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية