فصل :
فإذا تقرر ما ذكرنا من حكم الدخول بإذن وغير إذن ، فدخلها من هو ممنوع من الدخول بغير إذن : فلا يختلف أصحابنا أنه لا يجوز أن يبتدئه بالقتل ، واختلفوا على ما قدمناه من الوجهين . ويستحق إخراجه منها بالقول ، ولا يتجاوزه إن خرج به . فإن لم يخرج بالقول تجاوزه إلى الدفع والجر . فإن لم يخرج تجاوزه إلى الضرب بالعصا . فإن لم يخرج تجاوزه إلى الجرح بالسيف . فإن لم يخرج إلا بالقتل فقتله فلا ضمان عليه ، كطالب النفس والمال ، يترتب الأمر فيهما بأقرب ما يمكن إلى أن تنتهي غايته إلى القتل . فإن وجد هذا الداخل قتيلا في الدار فادعى صاحبها أنه قتله دفعا عن داره ، وتوصلا إلى إخراجه ، وادعى وليه أنه قتله لغير ذلك ، فالقول قول الولي مع يمينه ، وعلى القاتل القود ، كمن قتل رجلا وادعى أنه وجده مع امرأته ، لم تقبل دعواه وأقيد منه . فلو أقام صاحب الدار بينته أنه دخل عليه بسيف مشهور ، أو قوس موتور ، أو رهب مخروط ، نظر في البينة ، فإن أكملت الشهادة بأن قالوا : وأراده بذلك ، سقط عنه القود . وإن لم يقولوا له ذلك ، فقد ذكر هل يجوز أن يبتدئه بفقء العين أم لا ؟ أبو حامد الإسفراييني : أنه تقبل منه هذه الدعوى ، ويسقط عنه القود والدية : لأن الظاهر من هذه الحال تشهد بصدق المدعي ، فقبل بها قوله مع يمينه . وعندي : أن هذه الشهادة توجب سقوط القود : لأنها شبهة فيه ، ولا توجب سقوط الدية : لاحتمال دخوله على هذه الحال أن يكون لهرب من طلب ، ولكن لو شهدت البينة أنه دخل عليه [ ص: 465 ] بسيف غير مشهور ، وقوس غير موتور ، لم يسقط بها قود ولا دية . والله أعلم .