الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            فإن لم يحجر الحاكم عليه ، ففي صحة تصرفه وجوازه ثلاثة أقاويل : أحدها : أن تصرفه جائز ممضي ، سواء قتل بالردة أو عاد إلى الإسلام : لأن الكفر لا يمنع من جواز التصرف .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن تصرفه باطل مردود ، سواء قتل بالردة أو عاد إلى الإسلام : لما قدمناه من العلتين في سفه رأيه وظهور تهمته .

                                                                                                                                            [ ص: 163 ] والقول الثالث : أن تصرفه موقوف مراعى :

                                                                                                                                            فإن قتل بالردة : كان جميع تصرفه باطلا مردودا : لتحقق العلتين فيه .

                                                                                                                                            وإن عاد إلى الإسلام : كان جميع تصرفه جائزا ممضيا : لانتفاء العلتين عنه .

                                                                                                                                            فعلى هذه الأقاويل : تنقسم عقوده في ردته ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما يصح أن يكون موقوفا أو معلقا بشرط كالعتق والتدبير ، فيكون في صحته منه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : يكون جائزا .

                                                                                                                                            والثاني : يكون باطلا .

                                                                                                                                            والثالث : يكون موقوفا .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ما لا يصح أن يكون موقوفا أو معلقا بشرط كالبيع والإجارة ، ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : باطل .

                                                                                                                                            والثاني : جائز .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ما اشتمل على أمرين يصح الوقف والشرط في أحدهما ، ولا يصح في الآخر كالخلع والكتابة : لأنهما يشتملان على طلاق وعتق ، يصح فيهما الوقف والشرط ، وعلى معاوضة لا يصح فيها الوقف والشرط .

                                                                                                                                            فقد اختلف أصحابنا في المغلب منهما على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يغلب منهما حكم العوض ، فيكون على قولين كالبيع والإجارة .

                                                                                                                                            أحدهما : جائز .

                                                                                                                                            والثاني : باطل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يغلب منهما حكم الطلاق والعتق ، فيكون على ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : جائز .

                                                                                                                                            والثاني : باطل .

                                                                                                                                            والثالث : موقوف . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية