الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فلو كان لهم أمان فقاتلوا أهل العدل ، كان نقضا لأمانهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا كان لطائفة من المشركين عهد بأمان متقدم ، فاستعان بهم أهل البغي على قتالنا ، كان ذلك نقضا لأمانهم إذا قاتلونا : لقول الله تعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء [ الأنفال : 58 ] .

                                                                                                                                            فلما جاز أن ينبذ إليهم عهدهم بنقضه إذا خفناهم ، كان أولى أن ينقض بقتالهم .

                                                                                                                                            ولأن إعطاء العهد لهم إنما كان لمصلحتنا لا لمصلحتهم ، وكذلك إذا سألوا العهد لم يلزم إجابتهم إليه ، إلا إذا رأى الإمام في ذلك حظا للمسلمين ، فيجوز أن يعاهدهم ، فإذا قاتلوا زالت المصلحة فبطل العهد عموما ، وإن كان في أهل البغي خصوصا .

                                                                                                                                            وجاز لنا قتلهم وسبيهم ، وقتالهم مقبلين ومدبرين .

                                                                                                                                            فإن أسلموا : لم يؤخذوا بما استهلكوا من دم ولا مال كغيرهم من أهل الحرب ، وبخلاف أهل البغي .

                                                                                                                                            فإن قالوا : لم نعلم أن قتالنا معهم مبطل لعهدنا معكم .

                                                                                                                                            لم يقبل منهم في بقاء العهد معهم : لأن الأمان هو الكف والموادعة ، فضعف ما ادعوه من الجهالة . [ ص: 126 ] فإن ادعوا الإكراه : كلفوا البينة ، فإن أقاموا على إكراه أهل البغي لهم على قتالنا بينة ، كانوا على عهدهم .

                                                                                                                                            وإن لم يقيموها ، لم تقبل دعواهم ، وانتقض عهدهم : لأن أصل الفعل حدوثه عن اختيار فاعله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية