الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو شهد أحدهما على إقراره أنه قتله عمدا والآخر على إقراره ، ولم يقل : خطأ ولا عمدا ، جعلته قاتلا والقول قوله . فإن قال : عمدا ، فعليه القصاص . وإن قال : خطأ ، أحلف ما قتله عمدا ، وكانت الدية في ماله في مضي ثلاث سنين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في شاهدين شهدا على إقرار رجل بالقتل ، فقال أحدهما : أقر عندي أنه قتله عمدا ، وشهد الآخر : أقر عندي أنه قتله . ولم يقل عمدا ولا خطأ ، فقد تمت الشهادة على إقراره بالقتل ، ولم تتم الشهادة على إقراره بصفة القتل . فيسأل المقر عن صفة القتل ، فإنه لا يخلو فيها من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يقول : قتلته عمدا . فيقتص منه بإقراره الآنف ، لا بالشهادة المتقدمة ، فإن عفا عنه إلى الدية ، كانت حالة مغلظة في ماله .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يقول : قتلته خطأ . فلا يحكم عليه بالقود : لأنه لم يتم الشهادة بالعمد ، ولكن يكون هذا لوثا في قتل العمد : لأنه إذا ثبت اللوث بشهادة واحد فأولى أن يثبت بشاهدين ، فإن أقسم حكم له بالقود على قوله في القديم ، وبالدية المغلظة حالة على قوله في الجديد ، وإن لم يقسم ، أحلف المقر بالله أنه ما قتله عمدا ولزمته دية [ ص: 78 ] الخطأ مخففة يؤديها من ماله في ثلاث سنين ، ولا تحملها عنه العاقلة : لأنها دية اعتراف .

                                                                                                                                            والحالة الثالثة : أن يمسك عن البيان ، فيصير كالناكل ، فترد اليمين على الولي ، فإن حلف حكم له بالقود بيمينه لا بالشهادة ، وإن نكل حكم له بدية الخطأ دون العمد بالشهادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية