الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما إذا حملت من الثاني ، ثم أرضعت على حملها ولدا فينظر في وقت [ ص: 399 ] الرضاع فإن كان في مبادئ الحمل في وقت لا يخلق للحمل فيه اللبن : لأن لبن الحمل يحدث عند الحاجة إليه ، وذلك في زمان يستكمل فيه خلقه ، ويجوز أن يولد فيه حيا فإن لم ينته الحمل إلى هذا الحد ، فالولد للأول ، وإن ثاب ونزل بعد انقطاعه بتهيج الجماع فيكون المرضع ابنا للأول دون الثاني ، وإن كان الحمل قد انتهى إلى وقت يجوز أن ينزل لمثله لبن لم يخل حينئذ لبن الحمل من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يكون حاله قبل الحمل لم يزد عليه فيكون لبنها للأول ؛ لأن الحمل لم يؤثر فيه ، وكذلك لو نقص لبنها بالحمل فيكون المرضع به ابنا للأول . والقسم الثاني : أن يكون لبنها قد زاد بالحمل ، ولم ينقص ففيه قولان : أحدهما : وبه قال في القديم : أنه يكون اللبن للأول والثاني والمرضع به ابنا لهما ؛ لأن الزيادة في الحمل تكون مضافة إليه ، وحادثة عنه ، فامتزج اللبنان ، فصار كامتزاجه من امرأتين . والقول الثاني : وبه قال في الجديد أن اللبن للأول ، والمرضع به ابن له دون الثاني ؛ لأننا على يقين من بقاء اللبن من الأول : في شك من الزيادة أن تكون للثاني لجواز حدوثها وبتهيج الجماع كحدوثها قبل الحمل ، وهذا اختيار المزني ، قال الشافعي " وأحب له توقي بنات الثاني لجواز أن تكون الزيادة له " . والقسم الثالث : أن يكون لبنها قد انقطع ، ثم ثاب ونزل بالحمل ففيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه للأول والمرضع به ابن له ، دون الثاني اعتبارا باليقين في بقاء لبنه وأنه مباح بالجماع فثاب ، ويستحب له أن لو توقى بنات الثاني . والقول الثاني : أنه للثاني والمرضع به ابن له دون الأول ؛ لأن الظاهر من حدوثه بالحمل أنه منه ويستحب أن لو توقى بنات الأول . والقول الثالث : أنه لهما والمرضع به ابن لهما وتحرم عليه بناتهما ؛ لأن احتمال الأمرين يوجب تساوي حكمهما ، وأن لا يختص بأحدهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية