مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أرضعتهما متفرقتين لم يحرما معا لأنها لم ترضع واحدة منهما إلا بعدما بانت منه هي والأولى ، فيثبت نكاح التي أرضعتهما بعدما بانت الأولى ، ويفسد نكاح التي أرضعتها بعدها ؛ لأنها أخت امرأته فكانت كالمرأة نكحت على أختها ( قال المزني ) رحمه الله : ليس ينظر الشافعي في ذلك إلا إلى وقت الرضاع فقد صارتا أختين في وقت معا برضاع الآخرة منهما ( قال المزني ) رحمه الله : ولا فرق بين امرأة كبيرة أرضعت امرأة له صغيرة فصارتا أما وبنتا في وقت معا ، وبين أجنبية أرضعت له المرأتين صغيرتين فصارتا أختين في وقت معا ولو جاز أن يكون إذا أرضعت صغيرة ثم صغيرة كامرأة نكحت على أختها لزم إذا نكح كبيرة ، ثم صغيرة فأرضعتها أن يكون كالمرأة نكحت على أمها وفي ذلك دليل على ما قلت أنا ، وقد قال في كتاب النكاح القديم لو تزوج صبيتين فأرضعتهما امرأة واحدة بعد واحدة انفسخ [ ص: 387 ] نكاحهما ( قال المزني ) رحمه الله وهذا وذاك سواء وهو بقوله أولى " . قال الماوردي : وصورتها في فبطل نكاحهما معا ؛ لأنهما أم وبنت ، ثم عادت الكبيرة فأرضعت ثانية من الصغيرتين الباقيتين لم يبطل نكاح الصغيرة ؛ لأنها بنت امرأة لم يدخل بها ، وقد بانت منه فإن عادت الكبيرة فأرضعت الصغيرة الثالثة بطل نكاح الثالثة ؛ لأنها صارت أخت الثانية ، وهل يبطل بها نكاح الثانية أم لا ؟ على قولين : أحدهما : وبه قال في القديم ، وهو مذهب رجل تزوج كبيرة وثلاثا صغارا فأرضعت الكبيرة من قبل دخوله بها إحدى الصغار أبي حنيفة والمزني ، وأبي العاص بن سريج : ينفسخ نكاح الثانية برضاع الثالثة ؛ لأنهما قد صارتا أختين فصار كما لو أرضعتهما معا ؛ ولأنه لو تزوج بصغرى وكبرى فأرضعت الكبرى الصغرى بطل نكاحهما ؛ لأنهما صارتا أختين ، وإن تقدم سبب الكبرى على رضاع الصغرى كذلك هاهنا . والقول الثاني : وبه قال في الجديد ، وهو مذهب الأوزاعي أن نكاح الثانية بحاله لا ينفسخ برضاع الثالثة ؛ لأنه لما لم ينفسخ نكاحها برضاعها لم ينفسخ برضاع غيرها وصارت كامرأة نكحت عليها أختها يبطل نكاح الأخت وثبت نكاحها ؛ ولأنه لو ملك أمتين أختين فوطئ إحداهما كانت الأخرى محرمة عليه ، فإن وطئها لم تحرم الأولى بوطء الثانية وكانت الأولى على إباحتها كذلك تحريم الرضاع ، فعلى هذا لو كان له أربع زوجات صغار ، فأرضعت أجنبية كل واحدة من الصغار الأربع واحدة بعد واحدة فأحد القولين وهو اختيار المزني قد بطل نكاحهن كلهن فيبطل نكاح الأولى برضاع الثانية ، ويبطل نكاح الثالثة برضاع الرابعة . والقول الثاني : ثبت نكاح الأولى ، ويبطل نكاح الثلاث برضاعهن بعد الأولى .