مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
nindex.php?page=treesubj&link=12848والرضاع اسم جامع يقع على المصة وأكثر إلى كمال الحولين ، وعلى كل رضاع بعد الحولين فوجب طلب الدلالة في ذلك ،
وقالت عائشة رضي الله عنها : كان فيما أنزل الله تعالى في القرآن " عشر رضعات معلومات يحرمن " ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن فكان لا يدخل عليها إلا من استكمل خمس رضعات ، وعن
ابن الزبير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924329لا تحرم المصة ولا المصتان ، ولا الرضعة ولا الرضعتان ( قال
المزني ) رحمه الله : قلت
للشافعي : أفسمع
ابن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم وحفظ عنه وكان يوم سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن تسع سنين وعن
عروة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924330أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما خمس رضعات فتحرم بهن ( قال ) فدل ما وصفت أن الذي يحرم من الرضاع خمس رضعات كما جاء القرآن بقطع السارق فدل صلى الله عليه وسلم أنه أراد بعض السارقين دون بعض
[ ص: 361 ] وكذلك أبان أن المراد بمائة جلدة بعض الزناة دون بعض لا من لزمه اسم سرقة وزنا " . قال
الماوردي : اختلف الفقهاء في
nindex.php?page=treesubj&link=12905قدر ما ثبت به تحريم الرضاع على ثلاثة مذاهب : أحدها : وهو مذهب
الشافعي أنه لا يثبت تحريم الرضاع إلا بخمس رضعات متفرقات ولا يثبت بما دونهما . وبه قال من الصحابة
ابن الزبير ،
وعائشة . ومن التابعين
سعيد بن المسيب ،
وطاوس . ومن الفقهاء :
أحمد وإسحاق . وقال
داود من أهل الظاهر : إنه يثبت تحريمه بثلاث رضعات . وبه قال من الصحابة :
زيد بن ثابت . ومن الفقهاء
أبو ثور . وقال
أبو حنيفة : إنه يثبت تحريمه برضعة واحدة . وبه قال من الصحابة : علي ،
وابن مسعود ،
وابن عباس ،
وابن عمر رضي الله تعالى عنهم . ومن الفقهاء :
مالك ،
والأوزاعي ،
والثوري ،
والليث بن سعد استدلالا بقول الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم [ النساء : 23 ] فحرم أما أرضعت ، والتي أرضعته مرة واحدة يقع هذا الاسم عليها ، فوجب أن تحرم ، وبهذا احتج
ابن عمر على
ابن الزبير حين قال : لا تحرم إلا بخمس رضعات ، فقال : كتاب الله أولى من قضاء
ابن الزبير ، وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924331الرضاعة من المجاعة يعني ما سد الجوعة والرضعة الواحدة تسد الجوعة ، وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=924332إن الله تعالى حرم من الرضاعة ما حرم من النسب وتحريم النسب لا يراعى فيه العدد فكذلك تحريم الرضاع . ومن القياس أن ما وقع به التحريم المؤبد لم يعتبر فيه العدد كالوطء وعقد النكاح ؛ ولأنه حكم يتعلق بالشرب فوجب أن لا يعتبر فيه العدد كحد الخمر ؛ ولأن الواصل إلى الجوف يتعلق به الفطر تارة ، وتحريم الرضاع أخرى ، فلما لم يعتبر العدد في الفطر لم يعتبر في الرضاع . والدليل عليه ما رواه
هشام بن عروة عن أبيه عن
عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم
[ ص: 362 ] قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924329لا تحرم المصة ولا المصتان ، ولا الرضعة ولا الرضعتان . وروى
أيوب عن
ابن أبي مليكة ، عن
ابن الزبير عن
عائشة قالت :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحرم المصة ولا المصتين فروى عن
عائشة ما سمع منها . وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما سمعه منه . قال
المزني : قلت
للشافعي : أسمع
ابن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم سمع منه وله تسع سنين ، ومعناه أنه مات رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولابن الزبير تسع سنين ؛ لأنه أول من ولد بعد الهجرة من أولاد المهاجرين بعد سنة من قدوم النبي صلى الله عليه وسلم
المدينة ، ومن له تسع سنين قد يضبط ما يسمعه ويصح نقله وروايته . وروت
أم الفضل قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924333جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال تزوجت امرأتي ، وعندي أخرى ، وقد ذكرت الأولى أنها أرضعت الحدثى رضعة أو رضعتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحرم الإملاجة أو الإملاجتان . . وقيل : إن الإملاجة مأخوذة من ملج يملج إذا استجلب اللبن من الثدي ، وكل هذه الأخبار الثلاثة نصوص في أن
nindex.php?page=treesubj&link=26417الرضعة الواحدة لا تحرم . فإن قيل : إنما لم تحرم إذا لم تصل إلى الجوف بعد الحلاب أو بعد مصها من الثدي فعنه ثلاثة أجوبة : أحدها : أن الرضعة لا تنطلق إلا على ما وصل إلى الجوف بالمص والازدراد . والثاني : أنه تخصيص يسقط فائدة الخبر ؛ لأنه فرق فيما لم يصل إلى الجوف بين رضعتين وبين مائة رضعة . والثالث : أنه يحمل على عموم الأمرين فيما وصل إلى الجوف ، وفيما لم يصل . فإن قيل : فإن كان نطقه حجة علينا فإن دليله حجة عليكم ؛ لأن نطقه أن الرضعتين لا تحرمان ، ودليله أن الثلاثة تحرم ، وأنتم لا تحرمون إلا بخمس ، فصار مذهبكم مدفوعا بدليله كما دفعتم مذهبنا بنطقه . قيل : قد صح به بطلان مذهبكم ، ولو تركنا ودليل نطقه صرنا إليه ، وإن لم يلزم المصير إليه عندكم لكن يمنع منه ما ورد فيه من نص منطوق به ، وهو ما رواه
الشافعي عن
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16693عمرة بنت عبد الرحمن ،
عن عائشة أنها قالت : كان فيما أنزل الله تعالى في القرآن عشر رضعات معلومات تحرم ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ في القرآن ، فلما أخبرت أن التحريم بالعشر منسوخ بالخمس دل على
nindex.php?page=treesubj&link=12905ثبوت التحريم بالخمس ؛ لأنها دونها ولو
[ ص: 363 ] وقع التحريم بأقل منها بطل أن تكون الخمس ناسخا ، وصار منسوخا كالعشر وهذا خلاف النص ومسقط لتعدي الخمس . واعترضوا على الاستدلال بهذا الحديث من أربعة أوجه : أحدها : أن قالوا : فيه إثبات لذلك من القرآن وهو خطأ من وجهين : أحدهما : أنكم أثبتم القرآن بخبر الواحد ، والقرآن لا يثبت إلا بأخبار التواتر والاستفاضة . والثاني : أنه لو كان من القرآن لكان مثبتا في المصحف متلوا في المحاريب ، وذلك غير جائز فلم يجز أن يكون من القرآن . والجواب عن هذين من ثلاثة أوجه : أحدها : أنا أثبتناه من القرآن حكما لا تلاوة ورسما ،
nindex.php?page=treesubj&link=21467_26503والأحكام تثبت بأخبار الآحاد سواء أضيفت إلى السنة ، أو إلى القرآن كما أثبتوا بقراءة
ابن مسعود " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " حكم التتابع ، وإن لم يكتبوا تلاوته ، فإن استفاض نقله ثبت بالاستفاضة تلاوته وحكمه . ومثاله : ما نقول في السرقة إذا شهد بها شاهدان ثبت المال والقطع ، وإن شهد شاهد وامرأتان ثبت المال ، ولم يثبت القطع ؛ لأن بينة القطع مفقودة ، وبينة المال موجودة كذلك خبر الاستفاضة بينة في إثبات التلاوة ، والحكم وخبر الواحد بينة في إثبات الحكم دون التلاوة . والجواب الثاني : أن هذا منسوخ التلاوة ثابت الحكم ، فكان وروده بالاستفاضة والآحاد سواء في إثبات حكمه ، وسقوط تلاوته كالذي روي عن
عمر أنه قال : كان فيما أنزل الله " والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله " ولولا أن يقول الناس زاد
عمر في القرآن لكتبتها في حاشية المصحف ، ولو كانت من المتلو لكتبتها مع المرسوم المتلو ، وإنما أراد بكتبتها في الحاشية ، لئلا ينساها الناس ، ثم لم يفعل لئلا تصير متلوة ؛ لأن المنسوخ ينقسم ثلاثة أقسام : قسم
nindex.php?page=treesubj&link=22211_22209نسخت تلاوته وحكمه كالذي روي أن رجلا قام في الليل ليقرأ سورة فلم يقدر عليها ، ثم سأل آخر عليها فلم يقدر عليها فأتى جميعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك ، فقال : إنها رفعت الليلة من صدور الرجال . والقسم الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=22210ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كالوصية للوالدين والأقربين والاعتداد بالحول .
[ ص: 364 ] والقسم الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=26996ما نسخت تلاوته ، وبقي حكمه كالمروي عن
عمر في الرجم ، وعن
عائشة في الرضاع . والجواب الثالث : أن العشر نسخن بالخمس ، إنما هما جميعا بالسنة لا بالقرآن ، وإنما أضافت
عائشة ذلك إلى القرآن لما في القرآن من وجوب العمل بالسنة كالذي روي عن
عبد الله بن مسعود أنه قال : إن الله لعن الواصلة والمستوصلة في كتابه ، فقالت له امرأة : ما وجدت هذا في الكتاب فقال : أليس الله تعالى يقول في كتابه :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ الحشر : 7 ] ومثله ما حكي عن
الشافعي أنه قال : من سألني عن شيء أخبرته من القرآن ، فسأله رجل عن محرم قتل زنبورا فقال : لا شيء عليه ، فقال : فأين هذا من كتاب الله فقال : قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ الحشر : 17 ] وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924334اقتدوا بالذين من بعدي أي
أبي بكر وعمر ، وسئل عن محرم قتل زنبورا ، فقال : لا شيء عليه والاعتراض الثاني : إن قالوا : فقد روي عن
عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان تحريم الرضاع في صحيفة ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بغسله فدخل داجن الحي فأكلها ، ولو كان ذلك قرآنا كان محروسا لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [ الحجر : 9 ] فعنه جوابان : أحدهما : أن الذي أكله داجن الحي رضاع الكبير وحكمه منسوخ . والثاني : أن العشر منسوخ بالخمس ، وذلك غير صائر ؛ لأنه محفوظ في صدور الرجال قال النبي صلى الله عليه وسلم :
أناجيل أمتي في صدورها ولو أكلت مصاحف العمر كلها ، لم تؤثر في القرآن لحفظه في الصدور . والاعتراض الثالث : أن قالوا : هذا إثبات نسخ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنها قالت : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن ممن يقرأ في القرآن ، وبهذا لا يجوز وعنه جوابان : أحدهما : أنها روت بعد الرسول نسخا كان في زمان الرسول وقولها : كان مما يقرأ أي مما يعمل به ، والثاني : أنه كان يقرأ بعد الرسول لإثبات حكمه لا لإثبات تلاوته ، فلما ثبت حكمه تركت تلاوته . والاعتراض الرابع : أن فيه
nindex.php?page=treesubj&link=22217_22219إثبات نسخ بخبر واحد ،
nindex.php?page=treesubj&link=22220والنسخ لا يكون إلا بإخبار التواتر ، وعنه جوابان : أحدهما : أن الطريق التي يثبت بها خبر المنسوخ ثبت بها خبر الناسخ فلم يجز أن يجعل حجة في إثبات المنسوخ دون الناسخ .
[ ص: 365 ] والثاني : أنه ليس ذلك نسخا بخبر الواحد ، وإنما هو نقل نسخ بخبر الواحد ونقل النسخ بخبر الواحد مقبول فعلمت
عائشة العشر ونسخها بالخمس فروتها ورجعت إلى الخمس ، وعلمت حفصة العشر ، ولم تعلم نسخها بالخمس فبقيت على الحكم الأول في
nindex.php?page=treesubj&link=12905تحريم الرضاع بالعشر دون الخمس ، ومن الدليل على ما ذهبنا إليه ما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=924336أن سهلة بنت سهيل بن عمرو كانت زوجة أبي حذيفة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : يا رسول الله ، إن سالما كنا نراه ولدا ، وكان يدخل علي وأنا فضل ، وقد نزل من التبني والحجاب ما قد علمت فماذا تراني ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه خمسا يحرم بهن عليك ، ومنه دليلان : أحدهما : قوله يحرم بهن عليك فلم يجز أن يحرم بما دونها لما فيه من إبطال حكمه في وقوع التحريم بالخمس . والثاني : أن رضاع
سالم حال ضرورة يوجب الاقتصار على ما تدعو إليه الضرورة ، ولو وقع التحريم بأقل منها لاقتصر عليه ، فإن قالوا : هذا وارد في رضاع الكبير ورضاعه منسوخ فلم يجز التعلق به ، فعنه جوابان : أحدهما : أنه يشتمل على حكمين : أحدهما : أنه رضاع الكبير . والثاني : عدد ما يقع به التحريم ، ونسخ أحد الحكمين ، لا يوجب سقوط الآخر ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت [ النساء : 15 ] فاشتملت على حكمين . أحدهما : عدد البينة في الزنا . والثاني : إمساكهن في البيوت إلى الموت حدا في الزنا ، ثم نسخ هذا الحد ، ولم يوجب ذلك سقوط عدد البينة . والثاني : أن
nindex.php?page=treesubj&link=12879رضاع الكبير حرم عند جواز التبني ؛ لأن
سلمة وأبا حذيفة تبنيا
سالما ، وكان التبني مباحا ، وكانا يريان
سالما ولدا فلما حرم التبني ، ونزل الحجاب حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرضاع عن تبنيه المباح ليعود به إلى التبني الأول فلما نسخ الله تعالى حكم التبني بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم [ الأحزاب : 5 ] سقط ما يتعلق به من رضاع الكبير ؛ لأن الحكم إذا تعلق بسبب ثبت بوجوده وسقط بعدمه فصار رضاع الكبير غير
[ ص: 366 ] محرم لعدم سببه لا لنسخه ، وقد جاء الشرع بمثل ذلك في مواضع منها فسخ الحج إلى العمرة ، أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عند نفورهم من العمرة في أشهر الحج ، فأمرهم بفسخ الحج بالعمرة ، وهذا أعظم من استئناف الإحرام بالعمرة ، وليزول من نفوسهم ما استنكروه فلا ينفروا منه ، وهذا المعنى قد زال لاستقراره في النفوس فزال به فسخ الحج ، لو لم يحكم بقليله وكثيره .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=12848وَالرَّضَاعُ اسْمٌ جَامِعٌ يَقَعُ عَلَى الْمَصَّةِ وَأَكْثَرَ إِلَى كَمَالِ الْحَوْلَيْنِ ، وَعَلَى كُلِّ رِضَاعٍ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَوَجَبَ طَلَبُ الدَّلَالَةِ فِي ذَلِكَ ،
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ " عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ " ثَمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ فَكَانَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا مَنِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ، وَعَنِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924329لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ ، وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ ( قَالَ
الْمُزَنِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ : قُلْتُ
لِلشَافِعِيِّ : أَفَسَمِعَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَحَفِظَ عَنْهُ وَكَانَ يَوْمَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ تِسْعِ سِنِينَ وَعَنْ
عُرْوَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924330أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَتَحْرُمَ بِهِنَّ ( قَالَ ) فَدَلَّ مَا وَصَفْتُ أَنَّ الَّذِي يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ كَمَا جَاءَ الْقُرْآنُ بِقَطْعِ السَّارِقِ فَدَلَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْضَ السَّارِقِينَ دُونَ بَعْضٍ
[ ص: 361 ] وَكَذَلِكَ أَبَانَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَائَةِ جَلْدَةٍ بَعْضُ الزُّنَاةِ دُونَ بَعْضٍ لَا مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ وَزِنًا " . قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12905قَدْرِ مَا ثَبَتَ بِهِ تَحْرِيمُ الرِّضَاعِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ : أَحَدُهَا : وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الرِّضَاعِ إِلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَلَا يَثْبُتُ بِمَا دُونَهُمَا . وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ
ابْنُ الزُّبَيْرِ ،
وَعَائِشَةُ . وَمِنَ التَّابِعِينَ
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ،
وَطَاوُسٌ . وَمِنَ الْفُقَهَاءِ :
أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ . وَقَالَ
دَاوُدُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ : إِنَّهُ يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ . وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ :
زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ . وَمِنَ الْفُقَهَاءِ
أَبُو ثَوْرٍ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : إِنَّهُ يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ . وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ : عَلِيٌّ ،
وَابْنُ مَسْعُودٍ ،
وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ . وَمِنَ الْفُقَهَاءِ :
مَالِكٌ ،
وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
وَالثَّوْرِيُّ ،
وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ اسْتِدْلَالًا بُقُولِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [ النِّسَاءِ : 23 ] فَحَرَّمَ أُمًّا أَرْضَعَتْ ، وَالَّتِي أَرْضَعَتْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً يَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهَا ، فَوَجَبَ أَنْ تَحْرُمَ ، وَبِهَذَا احْتَجَّ
ابْنُ عُمَرَ عَلَى
ابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ قَالَ : لَا تَحْرُمُ إِلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ ، فَقَالَ : كِتَابُ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ قَضَاءِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924331الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ يَعْنِي مَا سَدَّ الْجَوْعَةَ وَالرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ تَسُدُّ الْجَوْعَةَ ، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924332إِنَّ اللِّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ وَتَحْرِيمُ النَّسَبِ لَا يُرَاعَى فِيهِ الْعَدَدُ فَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الرِّضَاعِ . وَمِنَ الْقِيَاسِ أَنَّ مَا وَقَعَ بِهِ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْعَدَدُ كَالْوَطْءِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ ؛ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالشُّرْبِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِيهِ الْعَدَدُ كَحَدِّ الْخَمْرِ ؛ وَلِأَنَّ الْوَاصِلَ إِلَى الْجَوْفِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفِطْرُ تَارَةً ، وَتَحْرِيمُ الرِّضَاعِ أُخْرَى ، فَلَمَّا لَمْ يُعْتَبَرِ الْعَدَدُ فِي الْفِطْرِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الرِّضَاعِ . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ص: 362 ] قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924329لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ ، وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ . وَرَوَى
أَيُّوبُ عَنِ
ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَرِّمُ الْمَصَّةَ وَلَا الْمَصَّتَيْنِ فَرَوَى عَنْ
عَائِشَةَ مَا سَمِعَ مِنْهَا . وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ . قَالَ
الْمُزَنِيُّ : قُلْتُ
لِلشَّافِعِيِّ : أَسَمِعَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ سَمِعَ مِنْهُ وَلَهُ تِسْعُ سِنِينَ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلِابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعُ سِنِينَ ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْمَدِينَةَ ، وَمَنْ لَهُ تِسْعُ سِنِينَ قَدْ يَضْبِطُ مَا يَسْمَعُهُ وَيَصِحُّ نَقْلُهُ وَرِوَايَتُهُ . وَرَوَتْ
أُمُّ الْفَضْلِ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924333جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ تَزَوَّجْتُ امْرَأَتِي ، وَعِنْدِي أُخْرَى ، وَقَدْ ذَكَرَتِ الْأُولَى أَنَّهَا أَرْضَعَتِ الْحُدْثَى رَضْعَةً أَوْ رَضْعَتَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ أَوِ الْإِمْلَاجَتَانِ . . وَقِيلَ : إِنَّ الْإِمْلَاجَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ مَلَجَ يَمْلُجُ إِذَا اسْتَجْلَبَ اللَّبَنَ مِنَ الثَّدْيِ ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ نُصُوصٌ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26417الرَّضْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُحَرِّمُ . فَإِنْ قِيلَ : إِنَّمَا لَمْ تُحَرِّمْ إِذَا لَمْ تَصِلْ إِلَى الْجَوْفِ بَعْدَ الْحِلَابِ أَوْ بَعْدَ مَصِّهَا مِنَ الثَّدْيِ فَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ الرَّضْعَةَ لَا تَنْطَلِقُ إِلَّا عَلَى مَا وَصَلَ إِلَى الْجَوْفِ بِالْمَصِّ وَالِازْدِرَادِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ تَخْصِيصٌ يُسْقِطُ فَائِدَةَ الْخَبَرِ ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ فِيمَا لَمْ يَصِلْ إِلَى الْجَوْفِ بَيْنَ رَضْعَتَيْنِ وَبَيْنَ مِائَةِ رَضْعَةٍ . وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِ الْأَمْرَيْنِ فِيمَا وَصَلَ إِلَى الْجَوْفِ ، وَفِيمَا لَمْ يَصِلْ . فَإِنْ قِيلَ : فَإِنْ كَانَ نُطْقُهُ حُجَّةً عَلَيْنَا فَإِنَّ دَلِيلَهُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ ؛ لِأَنَّ نُطْقَهُ أَنَّ الرَّضْعَتَيْنِ لَا تُحَرِّمَانِ ، وَدَلِيلُهُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُحَرِّمُ ، وَأَنْتُمْ لَا تُحَرِّمُونَ إِلَّا بِخَمْسٍ ، فَصَارَ مَذْهَبُكُمْ مَدْفُوعًا بِدَلِيلِهِ كَمَا دَفَعْتُمْ مَذْهَبَنَا بِنُطْقِهِ . قِيلَ : قَدْ صَحَّ بِهِ بُطْلَانُ مَذْهَبِكُمْ ، وَلَوْ تَرَكَنَا وَدَلِيلَ نُطْقِهِ صِرْنَا إِلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمِ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَكُمْ لَكِنْ يَمْنَعُ مِنْهُ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ نَصٍّ مَنْطُوقٍ بِهِ ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16693عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ تُحَرِّمُ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ فِي الْقُرْآنِ ، فَلَمَّا أَخْبَرَتْ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالْعَشَرِ مَنْسُوخٌ بِالْخَمْسِ دَلَّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=12905ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِالْخَمْسِ ؛ لِأَنَّهَا دُونَهَا وَلَوْ
[ ص: 363 ] وَقَعَ التَّحْرِيمُ بِأَقَلَّ مِنْهَا بَطَلَ أَنْ تَكُونَ الْخَمْسُ نَاسِخًا ، وَصَارَ مَنْسُوخًا كَالْعَشْرِ وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ وَمُسْقِطٌ لِتَعَدِّي الْخَمْسِ . وَاعْتَرَضُوا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنْ قَالُوا : فِيهِ إِثْبَاتٌ لِذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّكُمْ أَثْبَتُّمُ الْقُرْآنَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَالْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَخْبَارِ التَّوَاتُرِ وَالِاسْتِفَاضَةِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ لَكَانَ مُثْبَتًا فِي الْمُصْحَفِ مَتْلُوًّا فِي الْمَحَارِيبِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقُرْآنِ . وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّا أَثْبَتْنَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ حُكْمًا لَا تِلَاوَةً وَرَسْمًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=21467_26503وَالْأَحْكَامُ تَثْبُتُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ سَوَاءٌ أُضِيفَتْ إِلَى السُّنَّةِ ، أَوْ إِلَى الْقُرْآنِ كَمَا أَثْبَتُوا بِقِرَاءَةِ
ابْنِ مَسْعُودٍ " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ " حُكْمَ التَّتَابُعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبُوا تِلَاوَتَهُ ، فَإِنِ اسْتَفَاضَ نَقْلُهُ ثَبَتَ بِالِاسْتِفَاضَةِ تِلَاوَتُهُ وَحُكْمُهُ . وَمِثَالُهُ : مَا نَقُولُ فِي السَّرِقَةِ إِذَا شَهِدَ بِهَا شَاهِدَانِ ثَبَتَ الْمَالُ وَالْقَطْعُ ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ ، وَلَمْ يَثْبُتِ الْقَطْعُ ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْقَطْعِ مَفْقُودَةٌ ، وَبَيِّنَةَ الْمَالِ مَوْجُودَةٌ كَذَلِكَ خَبَرُ الِاسْتِفَاضَةِ بَيِّنَةٌ فِي إِثْبَاتِ التِّلَاوَةِ ، وَالْحُكْمُ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ بَيِّنَةٌ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ . وَالْجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّ هَذَا مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ ثَابِتُ الْحُكْمِ ، فَكَانَ وُرُودُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالْآحَادِ سَوَاءً فِي إِثْبَاتِ حُكْمِهِ ، وَسُقُوطِ تِلَاوَتِهِ كَالَّذِي رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ " وَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ " وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ
عَمَرُ فِي الْقُرْآنِ لَكَتَبْتُهَا فِي حَاشِيَةِ الْمُصْحَفِ ، وَلَوْ كَانَتْ مِنَ الْمَتْلُوِّ لَكَتَبْتُهَا مَعَ الْمَرْسُومِ الْمَتْلُوِّ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِكَتْبَتِهَا فِي الْحَاشِيَةِ ، لِئَلَّا يَنْسَاهَا النَّاسُ ، ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْ لِئَلَّا تَصِيرَ مَتْلُوَّةً ؛ لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ
nindex.php?page=treesubj&link=22211_22209نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَحُكْمُهُ كَالَّذِي رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي اللَّيْلِ لِيَقْرَأَ سُورَةً فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا ، ثُمَّ سَأَلَ آخَرَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَأَتَى جَمِيعُهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنَّهَا رُفِعَتِ اللَّيْلَةَ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ . وَالْقِسْمُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=22210مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَبَقِيَتْ تِلَاوَتُهُ كَالْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالِاعْتِدَادِ بِالْحَوْلِ .
[ ص: 364 ] وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26996مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ ، وَبَقِيَ حُكْمُهُ كَالْمَرْوِيِّ عَنْ
عُمَرَ فِي الرَّجْمِ ، وَعَنْ
عَائِشَةَ فِي الرِّضَاعِ . وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ : أَنَّ الْعَشْرَ نُسِخْنَ بِالْخَمْسِ ، إِنَّمَا هُمَا جَمِيعًا بِالسُّنَّةِ لَا بِالْقُرْآنِ ، وَإِنَّمَا أَضَافَتْ
عَائِشَةُ ذَلِكَ إِلَى الْقُرْآنِ لِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ كَالَّذِي رُوِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ : مَا وَجَدْتُ هَذَا فِي الْكِتَابِ فَقَالَ : أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ الْحَشْرِ : 7 ] وَمِثْلُهُ مَا حُكِيَ عَنِ
الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ أَخْبَرْتُهُ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مُحْرِمٍ قَتَلَ زُنْبُورًا فَقَالَ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : فَأَيْنَ هَذَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ الْحَشْرِ : 17 ] وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924334اقْتَدُوا بِالَّذِينِ مِنْ بَعْدِي أَيْ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَسُئِلَ عَنْ مُحْرِمٍ قَتَلَ زُنْبُورًا ، فَقَالَ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالِاعْتِرَاضُ الثَّانِي : إِنْ قَالُوا : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ تَحْرِيمُ الرِّضَاعِ فِي صَحِيفَةٍ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشَاغَلْنَا بِغَسْلِهِ فَدَخَلَ دَاجِنُ الْحَيِّ فَأَكَلَهَا ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قُرْآنًا كَانَ مَحْرُوسًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [ الْحِجْرِ : 9 ] فَعَنْهُ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الَّذِي أَكَلَهُ دَاجِنُ الْحَيِّ رِضَاعُ الْكَبِيرِ وَحُكْمُهُ مَنْسُوخٌ . وَالثَّانِي : أَنَّ الْعَشْرَ مَنْسُوخٌ بِالْخَمْسِ ، وَذَلِكَ غَيْرُ صَائِرٍ ؛ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَنَاجِيلُ أُمَّتِي فِي صُدُورِهَا وَلَوْ أُكِلَتْ مَصَاحِفُ الْعُمْرِ كُلُّهَا ، لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقُرْآنِ لِحِفْظِهِ فِي الصُّدُورِ . وَالِاعْتِرَاضُ الثَّالِثُ : أَنْ قَالُوا : هَذَا إِثْبَاتٌ نُسِخَ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ : فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّنْ يُقْرَأُ فِي الْقُرْآنِ ، وَبِهَذَا لَا يَجُوزُ وَعَنْهُ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا رَوَتْ بَعْدَ الرَّسُولِ نَسْخًا كَانَ فِي زَمَانِ الرَّسُولِ وَقَوْلُهَا : كَانَ مِمَّا يُقْرَأُ أَيْ مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ يُقْرَأُ بَعْدَ الرَّسُولِ لِإِثْبَاتِ حُكْمِهِ لَا لِإِثْبَاتِ تِلَاوَتِهِ ، فَلِمَا ثَبَتَ حُكْمُهُ تُرِكَتْ تِلَاوَتُهُ . وَالِاعْتِرَاضُ الرَّابِعُ : أَنَّ فِيهِ
nindex.php?page=treesubj&link=22217_22219إِثْبَاتَ نَسْخٍ بِخَبَرِ وَاحِدٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=22220وَالنَّسْخُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِإِخْبَارِ التَّوَاتُرِ ، وَعَنْهُ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا خَبَرُ الْمَنْسُوخِ ثَبَتَ بِهَا خَبَرُ النَّاسِخِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ حُجَّةً فِي إِثْبَاتِ الْمَنْسُوخِ دُونَ النَّاسِخِ .
[ ص: 365 ] وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ نَسْخًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَإِنَّمَا هُوَ نَقْلُ نَسْخٍ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَنَقْلُ النَّسْخِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فَعَلِمَتْ
عَائِشَةُ الْعَشْرَ وَنَسْخَهَا بِالْخَمْسِ فَرَوَتْهَا وَرَجَعَتْ إِلَى الْخَمْسِ ، وَعَلِمَتْ حَفْصَةُ الْعَشْرَ ، وَلَمْ تَعْلَمْ نَسْخَهَا بِالْخَمْسِ فَبَقِيَتْ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12905تَحْرِيمِ الرِّضَاعِ بِالْعَشْرِ دُونَ الْخَمْسِ ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مَا رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924336أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو كَانْتَ زَوْجَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ سَالِمًا كُنَّا نَرَاهُ وَلَدًا ، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيٌّ وَأَنَا فُضُلٌ ، وَقَدْ نَزَلَ مِنَ التَّبَنِّي وَالْحِجَابِ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَمَاذَا تُرَانِي ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَضِعِيهِ خَمْسًا يَحْرُمُ بِهِنَّ عَلَيْكِ ، وَمِنْهُ دَلِيلَانِ : أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ يَحْرُمُ بِهِنَّ عَلَيْكِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْرُمَ بِمَا دُونَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ حُكْمِهِ فِي وُقُوعِ التَّحْرِيمِ بِالْخَمْسِ . وَالثَّانِي : أَنَّ رِضَاعَ
سَالِمٍ حَالُ ضَرُورَةٍ يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ ، وَلَوْ وَقَعَ التَّحْرِيمُ بِأَقَلَّ مِنْهَا لَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ قَالُوا : هَذَا وَارِدٌ فِي رِضَاعِ الْكَبِيرِ وَرِضَاعُهُ مَنْسُوخٌ فَلَمْ يَجُزِ التَّعَلُّقُ بِهِ ، فَعَنْهُ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى حُكْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ رِضَاعُ الْكَبِيرِ . وَالثَّانِي : عَدَدُ مَا يَقَعُ بِهِ التَّحْرِيمُ ، وَنَسْخُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ ، لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْآخَرِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ [ النِّسَاءِ : 15 ] فَاشْتَمَلَتْ عَلَى حُكْمَيْنِ . أَحَدُهُمَا : عَدَدُ الْبَيِّنَةِ فِي الزِّنَا . وَالثَّانِي : إِمْسَاكُهُنَّ فِي الْبُيُوتِ إِلَى الْمَوْتِ حَدًّا فِي الزِّنَا ، ثُمَّ نُسِخَ هَذَا الْحَدُّ ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ سُقُوطَ عَدَدِ الْبَيِّنَةِ . وَالثَّانِي : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=12879رِضَاعَ الْكَبِيرِ حُرِّمَ عِنْدَ جَوَازِ التَّبَنِّي ؛ لِأَنَّ
سَلَمَةَ وَأَبَا حُذَيْفَةَ تَبَنَّيَا
سَالِمًا ، وَكَانَ التَّبَنِّي مُبَاحًا ، وَكَانَا يَرَيَانِ
سَالِمًا وَلَدًا فَلَمَّا حُرِّمَ التَّبَنِّي ، وَنَزَلَ الْحِجَابُ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّضَاعِ عَنْ تَبَنِّيهِ الْمُبَاحِ لِيَعُودَ بِهِ إِلَى التَّبَنِّي الْأَوَّلِ فَلَمَّا نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى حُكْمَ التَّبَنِّي بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=5ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [ الْأَحْزَابِ : 5 ] سَقَطَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ رِضَاعِ الْكَبِيرِ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إِذَا تَعَلَّقَ بِسَبَبٍ ثَبَتَ بِوُجُودِهِ وَسَقَطَ بِعَدَمِهِ فَصَارَ رِضَاعُ الْكَبِيرِ غَيْرَ
[ ص: 366 ] مُحَرِّمٍ لِعَدَمِ سَبَبِهِ لَا لِنَسْخِهِ ، وَقَدْ جَاءَ الشَّرْعُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ ، أَمَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ نُفُورِهِمْ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، فَأَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ ، وَهَذَا أَعْظَمُ مِنِ اسْتِئْنَافِ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ ، وَلِيَزُولَ مِنْ نُفُوسِهِمْ مَا اسْتَنْكَرُوهُ فَلَا يَنْفُرُوا مِنْهُ ، وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ زَالَ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي النُّفُوسِ فَزَالَ بِهِ فَسْخُ الْحَجِّ ، لَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ .