الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثاني من أحوالها وهو أن يكون حقا بالثاني دون الأول فهو أن تضعه لأكثر من أربع سنين من طلاق الأول ، ولستة أشهر فصاعدا من أول دخول الثاني ، لأن المعتبر باستكمال ستة أشهر من أول دخوله ، ونقصانها من آخر دخوله ، وإذا كان كذلك فهذا الولد لاحق بالثاني دون الأول إن كان طلاقه بائنا ، وإن كان رجعيا فعلى قولين مضيا : أحدهما : كالبائن يلحق بالثاني دون الأول . والقول الثاني : أنه مخالف للبائن ، ويمكن أن يلحق بالأول والثاني فيكون كالقسم الرابع على ما سنذكره ، والتفريع هاهنا يكون على القول الأول ؛ لأن تفريع القول الثاني يدخل في القسم الرابع ، وإذا كان كذلك توجه الكلام إلى بيان ثلاثة أحكام : العدة ، والرجعة ، والتزويج ؛ لأن النسب مضى ، والنفقة تأتي . فأما العدة فتنقضي عدة الثاني بوضع الحمل ؛ لأنه لاحق به ، ولا يجوز أن يلحق به حمل تعتد به من غيره ؛ لأن عدته لحفظ مائه ، ثم تستأنف ما بقي من عدة الأول بعد انقطاع دم النفاس ، والباقي منها قرآن ؛ لأن الماضي منها قرء ، فإذا استكملتها حلت ، وأما الرجعة فهي للأول في الطلاق الرجعي ، فإن راجعها بعد نفاسها في بقية عدته صحت رجعته ، وإن راجعها قبل دخولها في عدته ففي صحة رجعته لأصحابنا وجهان ذكرناهما : أحدهما : الرجعة صحيحة لبقاء عدته . والثاني : فاسدة ؛ لأنها في غير عدته ، والصحيح عندي أن يفصل ، فإن كانت في مدة الحمل بطلت ، وإن كانت في مدة النفاس صحت ؛ لأنها في مدة الحمل معتدة من غيره ، وفي مدة النفاس غير معتدة من غيره . وأما التزويج فلا يصح أن يتزوجها أحد في مدة الحمل ، ولا يجوز لغير الأول أن يتزوجها في بقية عدته ، فأما الأول ، فإن كان يملك الرجعة أغنته الرجعة عن النكاح ، وإن كان لا يملكها وحلت له قبل زوج جاز أن يتزوجها ، وإن لم تحل له إلا بعد زوج لم يجز أن يتزوجها ، ولم يحلها الثاني له لفساد نكاحه ؛ ولأن إصابته كانت في مدة عدته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية