مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو أذن لها أن تنتقل فنقل متاعها وخدمها ولم تنتقل ببدنها حتى مات أو طلق اعتدت في بيتها الذي كانت فيه " . قال الماوردي : إذا ، فإن كان ذلك وهي مقيمة في الدار الأولى ببدنها ، ورحلها ، وخدمها اعتدت فيها ، ولم تعتد في الثانية ولم يكن لما تقدم من الإذن بالنقل بأثر ، ولم يجز أن تنتقل في العدة إلى الدار الثانية ، وإن كان الموت أو الطلاق بعد الانتقال إلى الدار الثانية ببدنها ورحلها وخدمها اعتدت في الدار الثانية ، ولم يجز أن تعود في العدة إلى الدار الأولى وإن كان الموت أو الطلاق بعد أن نقلت رحلها وخدمها إلى الدار الثانية وهي مقيمة ببدنها في الدار الأولى اعتدت في الدار الأولى دون الثانية ، وإن كان الموت أو الطلاق بعد أن انتقلت ببدنها إلى الدار الثانية ، وبقي رحلها وخدمها في الدار الأولى اعتدت في الدار الثانية اعتبارا ببدنها دون رحلها وخدمها ، وكذلك في الأيمان لو قال : والله لا سكنت هذه الدار ، فانتقل منها ببدنه دون رحله وخدمه بر ولو نقل رحله وخدمه وهو مقيم ببدنه حنث . أذن لمستحقة السكنى في العدة أن تنتقل من داره إلى أخرى ثم مات أو طلق
وقال أبو حنيفة : الاعتبار في الأيمان برحله وماله دون بدنه ، فإذا بر ، ولو انتقل ببدنه وخلف فيها رحله وخدمه [ ص: 260 ] حنث ، وكذلك لو قال : والله لأسكنن هذه الدار ، فالبر يتعلق برحله ، وخدمه دون بدنه . وقال حلف لا يسكنها فنقل رحله وخدمه وهو مقيم ببدنه مالك : وإن قال : والله لأسكننها تعلق البر بنقل رحله وخدمه دون بدنه كما قال أبو حنيفة . ولو قال : والله لأسكنن هذه الدار تعلق البر ببدنه دون رحله وخدمه كما قلنا ، والصحيح أن يكون لقول الله تعالى : المعتبر من الأيمان من العدة بنقله البدن دون الرحل والخدم ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم [ النور : 29 ] فأخبر أن بيوت المتاع غير مسكونة وقال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام : ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم [ إبراهيم : 37 ] فأخبر بإقامتهم فيه مع خلوهم من رحلهم ومالهم فثبت أن الاعتبار بالبدن دون الرحل والمال : ولأنه لما كان المسافر ببدنه دون ماله يزول عنه حكم المقام وتجري عليه صفة السفر من استباحة الرخص ، ولو أقام ببدنه دون ماله جرى عليه حكم الإقامة في حظر الرخص دل على اختصاص السكنى ، والانتقال بالبدن دون المال .