الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان الطلاق رجعيا وهي مسألة الكتاب وقد وضعته لأكثر من أربع سنين ففيه قولان : أحدهما : وهو الأصح أنه لا يلحق به وينتفي عنه بغير لعان : لأنها تحرم عليه قبل الرجعة تحريم المبتوتة فانتفى عنه ولدها لحدوثه بعد التحريم كما ينتفي عنه ولد المبتوتة وتكون عدتها تنقضي على مذهب الشافعي ، وجمهور أصحابه بوضع الحمل ، وعندي بما تقدم من الشهور والأقراء . والقول الثاني : أنه يلحق ولد الرجعة وإن لم يلحق به ولد المبتوتة : لأن الرجعة بعد الفرقة في حكم الزوجات لوجوب نفقتها ، وميراثها ، وسقوط الحد في وطء ، فكان مخالفتها للمبتوتة في هذه الأحكام موجبا لمخالفتها في لحوق الولد : لأن الرجعة زوجة والمبتوتة أجنبية ، فعلى هذا اختلف أصحابنا في المدة التي يلحق به الولد بعد أربع سنين ، هل تقدر أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، وأبي علي بن أبي هريرة ، أنها غير مقدرة وأنها متى ولدته ولو إلى عشر سنين لحق الولد ما لم تتزوج ، وهذا بعيد . والوجه الثاني : وهو أشبه أنها مقدرة بعد أربع سنين بمدة العدة ؛ لأن الرجعية وإن خالفت المبتوتة في زمان العدة فهي مساوية لها بعد العدة في التحريم ، ووجوب الحد في الوطء فصارت بعد انقضاء العدة كالمبتوتة بعد الفرقة فاقتضى أن يعتبر في لحوق ولدها أربع سنين بعد تساويهما ، فعلى هذا الوجه إن ولدته لأقل من أربع سنين ومدة العدة لحق به وانقضت به العدة . [ ص: 208 ] وإن ولدته لأكثر من أربع سنين ومدة العدة لم يلحق به وانقضت به العدة على ظاهر مذهب الشافعي وانقضت عندي بما تقدم من العدة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية