الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو حاضت الصغيرة بعد انقضاء الثلاثة الأشهر فقد انقضت عدتها ، ولو حاضت قبل انقضائها بطرفة خرجت من اللاتي لم يحضن واستقبلت الأقراء " . قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن من لم تحض لصغر عدتها ثلاثة أشهر ، فإن [ ص: 195 ] اعتدت بالشهور ثم حاضت لم يخل حيضها من أن يكون بعد انقضاء الشهور أو قبلها ، فإن كان بعد انقضاء الشهور أجزأتها العدة بالشهور ، وإن صارت بعدها من ذوات الأقراء للحكم بانقضائها ولم يؤثر حدوث الحيض كما لو اعتدت بالأقراء ثم صارت مؤيسة أجزأتها الأقراء ، وإن صارت بعدها من ذوات الشهور .

                                                                                                                                            فإن قيل : أفليس لو انقضت عدتها بالأقراء ثم ظهر بها حمل انتقلت إليه بطل الأقراء ، فهلا كانت الصغيرة في حدوث الحيض كذلك ؟ قيل : لأن الحمل متقدم على الأقراء فانتقلت إلى الاعتداد بالشهور ؛ لأنه لا يجوز تلفيق العدة من جنسين شهور وأقراء حتى تستكمل أحد الجنسين من أقراء وشهور ، وإذا كان كذلك فقد قال الشافعي : " استقبلت الأقراء " فاختلف أصحابنا لأجل هذا الاحتمال فيما مضى من طهرها هل تعتد به قرءا أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج أنها تعتد به قرءا ؛ لأن القرء هو طهر بعده حيض ، فإن لم يتقدم حيض كما لو طلقت في طهرها اعتدت به ؛ لأن بعده حيضا وإن لم يتقدم حيض ؛ لأن ما مضى من الحيض قبل الطلاق لا يحتسب في عدة الطلاق . والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنها لا تعتد بما مضى من الطهر قرءا ولتستقبل ثلاثة أقراء ؛ لأن القرء هو طهران حيضتين ، فلما كان فقد الحيضة الثانية في الانتهاء تمنع من أن تكون قرءا ، كان فقد الحيضة الأولى في الابتداء أولى بالمنع من أن تكون قرءا ؛ ولأنها لو اعتدت بقرء ثم طرأ عليها الإياس لم تحتسب بزمان القرء وشهر ولتستقبلن ثلاثة أشهر لئلا تلفق عدة من جنسين ، كذلك حيض الصغيرة لا يوجب احتساب ما مضى من الشهور قرءا لئلا يجمع في عدتين جنسين .



                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية