الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو شهد عليه شاهدان أنه قذفهما وقذف امرأته لم تجز [ ص: 145 ] شهادتها إلا أن يعفوا قبل أن يشهدا ويرى ما بينهما وبينه حسن فيجوزا " . قال الماوردي : وصورتها أن تدعي زوجته عليه القذف فينكرها ، فيشهد عليه شاهدان أنه قذفهما وقذف امرأته ، أو يشهدان أنه قذف امرأته وقذفهما ، لا فرق بين أن يقدما الشهادة للمرأة على أنفسهما أو يؤخراها فقد صارا شاهدين لأنفسهما ولغيرهما ، وشهادة الإنسان لنفسه مردودة وصارا بها خصمين وعدوين ؛ لأن المقذوف عدو للقاذف ، وشهادة العدو على عدوه مردودة ، فردت للزوجة كما ردت لأنفسهما ولم تقبل في واحد من الحقين ، فإن شهدا أنه قذف أمهما وقذف أجنبيا ردت شهادتهما لأمهما للتهمة ، وهل ترد شهادتهما للأجنبي ؟ على قولين : أحدهما : ترد ولا تتبعض كما لو شهد أنه قذفها وقذف زوجته . والقول الثاني : تقبل شهادتهما للأجنبي وإن ردت لأمهما . والفرق بين المسألتين أن الشهادة لأمهما ردت لأجل التهمة ، ومن اتهم في شهادة جاز أن يقبل في غيرها إذا انفردت فكذلك إذا اجتمعت ، ومن ردت شهادته بالعداوة لم يجز أن يقبل فيها ولا في غيرها سواء اجتمعت أو افترقت ؛ لأنه يكون عدوا في الجميع ولا يكون مفهوما في الجميع فافترقا ، وإن كان ابن سريج قد جمع بينهما جمعا يبطله الفرق الذي ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية