الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " ولو قذفها وانتفى من حملها فجاء بأربعة فشهدوا أنها زنت لم يلاعن حتى تلد ، فيلتعن إذا أراد نفي الولد ، فإن لم يلتعن لحقه الولد ولم تحد حتى تضع ثم تحد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح إذا شهد أربعة عدول على امرأة رجل بالزناء تعلق بشهادتهم حكمان لا يؤثران في الزوجية :

                                                                                                                                            [ ص: 138 ] أحدهما : ارتفاع حصانتها على العموم مع الزوج ومع غيره ، فلا يحد قاذفها بحال .

                                                                                                                                            والثاني : وجوب الحد عليها ، إن كانت بكرا فجلد مائة وتغريب عام ، وإن كانت ثيبا فرجم ، ولا ينتفي الولد بالبينة ولا يرتفع بها الفراش إلا أن يلتعن ، فإن أراد الزوج أن يلتعن لم يخل حال لعانه مع سقوط حد القذف عنه بالبينة من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يلتعن لنفي الولد .

                                                                                                                                            والثاني : لنفي الحمل .

                                                                                                                                            والثالث : لرفع الفراش .

                                                                                                                                            فأما القسم الأول : وهو أن يلتعن لنفي الولد ، فيجوز له نفيه باللعان ؛ لأن الولد لا ينتفي إلا به ، فكانت ضرورته إليه داعية ، ثم ينظر فإن كان الزوج قد قذفها قبل الشهادة ، جاز أن يلاعنها بذاك القذف وإن سقط عنه حده بالشهادة ، وإن لم يكن قذفها قبل الشهادة فهل يستغني بالشهادة عن التلفظ بقذفها أم لا ؟ على وجهين محتملين :

                                                                                                                                            أحدهما : يستغني بها عن القذف لثبوت الزنا عليها ، فعلى هذا يقول في لعانه : أشهد بالله ، إني لمن الصادقين في زناها ، ولا يقول : فيما رميتها به من الزنا ؛ لأنه لم يرمها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يستغني بالشهادة عن القذف ، لقول الله تعالى : والذين يرمون أزواجهم فجعل رميه شرطا في لعانه ، فعلى هذا يستأنف القذف ، ويأتي باللعان على صفته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية