الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإذا نفينا عنه ولدها باللعان ثم جاءت بعده بولد لأقل من ستة أشهر أو أكثر ما يلزمه له نسب ولد المبتوتة فهو ولده إلا أن ينفيه بلعان " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن نفي النسب باللعان على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ينفي به حملا .

                                                                                                                                            والثاني : أن ينفي به ولدا .

                                                                                                                                            فأما الضرب الأول : وهو أن ينفي به حملا ، فإذا وضعت واحدا أو عددا انتفى عنه جميعهم ، لأن الحمل ما اشتمل البطن عليه ، وانقضت عدتها بوضع الأخير منهم فلو وضعت ولدا فانتفى عنه وانقضت به عدتها في الظاهر ، ثم وضعت به ولدا آخر ، نظر في زمان وضعه فإنه لا يخلو من أحد أمرين ، إما أن يكون بينهما أقل من ستة أشهر أو أكثر ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من ولادة الأول فهما من حمل واحد ؛ لأنه لا يكون بين الحملين أقل من ستة أشهر ، وهي أقل مدة الحمل ، فإذا كان بين الولدين أقل منهما كانا حملا واحدا اشتمل البطن عليهما ، فانتفيا عنه باللعان الأول ، وعلمنا أنها كانت باقية في عدتها إلى وضع الثاني .

                                                                                                                                            وكذلك لو وضعت ولدا ثالثا بينه وبين الأول أقل من ستة أشهر انتفى الثالث مع الثاني والأول باللعان المتقدم لاشتمال البطن على الثلاثة في وقت نفي الحمل باللعان ، وعدتها منقضية بوضع الثالث ، فأما إن وضعت الولد الثاني لستة أشهر فصاعدا من ولادة الأول فهو من حمل ثان ؛ لأنه لا يجوز أن يكون بين الولدين من حمل واحد ستة أشهر ، وإذا كان الولد الثاني من حمل ثان فهي مثبوتة باللعان وقد انقضت عدتها بوضع الأول انقضاء تيقنا به استبراء رحمها فلم يلحق به الثاني لاستحالة أن يكون من إصابته [ ص: 93 ] قبل اللعان لأنه انتفى عنه باللعان ، ويختلف حكم الولدين في الاستلحاق ، فإن استلحق الأول لحق به ؛ لأنه انتفى عنه باللعان ، وإن استلحق الثاني لم يلحق به لأنه منفي عنه بغير لعان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية