مسألة : قال الشافعي رحمه الله : ولو ذكرت أنها نكحت نكاحا صحيحا وأصيبت ولا نعلم حلت له وإن وقع في قلبه أنها كاذبة فالورع أن لا يفعل " .
قال الماوردي : وصورتها في فهذا على ضربين : المطلقة ثلاثا إذا ادعت أنها نكحت بعد انقضاء عدتها زوجا دخل بها ، وأنه طلقها وانقضت منه عدتها ليتزوجها الأول
أحدهما : أن يقصر الزمان عن انقضاء عدتين وعقد وإصابة فقولها مردود للإحاطة بكذبها .
والضرب الثاني : أن يكون الزمان متسعا لذلك فلا تخلو حال الزوج الأول معها من ثلاثة أقسام :
[ ص: 334 ] أحدها : أن يتيقن كذبها فيحرم عليه أن يتزوجها .
والثاني : أن يتيقن صدقها فيجوز نكاحها .
والثالث : أن لا يتيقن صدقها ولا كذبها فإن وقع في نفسه صدقها حل له أن يتزوجها حكما وورعا وإن وقع في نفسه كذبها كرهنا له ورعا أن يتزوجها ، وجاز له في الحكم أن يتزوجها : لأنها مؤتمنة على نفسها لا سيما فيما لا يمكنها إقامة البينة عليه من الإصابة وانقضاء العدة فجاز في الشرع الرجوع إلى قولها ، والعمل عليه مع جواز كذبها كالمحدث إذا غاب وعاد فذكر أنه توضأ جاز الإتمام به مع جواز كذبه : لأن إقامة البينة على نيته متعذرة ، ولأنه لما جاز قبول قولها في الإصابة ، وهو أحد شرطي الإباحة جاز قبول قولها في الشرط الثاني ، وهو العقد ، ولأنه لو حل لأختها أن تتزوج به ، ويكون قوله في الموت مقبولا ، ولكن لو غاب مع زوجته ثم عاد فذكر موت زوجته لم يحل له العقد على أختها إلا بعد أن يتيقن زوال ملكه ، وليس كذلك الأخت : لأنها لا ملك لها ، فجاز أن يرجع إلى قول الزوج في موت أختها . غابت زوجته مع أختها ، ثم قدمت الأخت ، فذكرت له موت زوجته
ولو لم تقبل دعوى الإصابة وتدخل على الثاني ضررا في تكميل المهر ، فلم يقبل قولها فيه ، وغير مدخلة على الأول ضررا فقبل قولها فيه . قالت المطلقة ثلاثا : نكحت زيدا وطلقني بعد الإصابة ، فقال زيد : طلقتها قبل الإصابة ،
فلو قبل قولها في إحلالها للأول ، وإن كذبها الثاني ؛ لما ذكرنا من ائتمانها على نفسها ، وإن لم يقبل على الثاني ، فلو قال زيد : لم أتزوجها وقالت : قد تزوجني وأصابني وطلقني حرمت على الأول أن يراجعها : لأن إنكار الثاني لطلاقها موجب لبقائها على نكاحه فلم يجز لغيره أن ينكحها ولا يصدق عليه في طلاقها . أقر زيد بتزويجها وإصابتها وادعت عليه طلاقها فأنكرها