فصل : في فروع الطلاق
فإن لم يكن وارثا لكونه عبدا ، طلقت بموته ، لوجود الصفة ، وإن كان وارثا لكونه حرا فلا يخلو أن يكون على أبيه دين يحيط بقيمتها أو لا ، فإن لم يكن على أبيه دين يحيط بقيمتها ففي طلاقها وجهان : وإذا تزوج الرجل جارية أبيه تزويجا صحيحا ، لأنه يخاف العنت ، أو لأنه عبد ، وإن لم يخف العنت فقال لها : إن مات أبي فأنت طالق ، فمات أبوه ،
أحدهما : وهو قول ابن سريج : لا يطلق ، لأنه إذا ورثها انفسخ نكاحها بالملك ، وزمان الفسخ وزمان الطلاق سواء ، فوقع الفسخ ولم يقع الطلاق كقوله لها : إذا مت فأنت طالق ، فمات لم تطلق .
والوجه الثاني : وهو قول أبي حامد الإسفراييني أنها تطلق ولا يقع الفسخ بالملك ، لأن صفة الطلاق توجد عقيب الموت وهو زمان الملك الذي يتعقبه الفسخ ، فصار الطلاق واقعا في زمان الملك لا في زمان الفسخ فلذلك وقع الطلاق ولم يقع الفسخ .
وإن كان على أبيه دين يحيط بقيمة الجارية ، فقد اختلف أصحابنا في على وجهين : التركة إذا أحاط بها الدين ، هل تنتقل إلى ملك الورثة أم لا ؟
أحدهما : وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنها لا تنتقل إلى ملكهم ، وتكون لأرباب الدين دونهم ، فعلى هذا تطلق لوجود شرط الطلاق وعدم شرط الفسخ . [ ص: 289 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس وأكثر أصحابنا : أنها تنتقل إلى ملك الورثة وإن أحاط بها الدين ، فعلى هذا يكون طلاقها على ما مضى من الوجهين .
فلو كانت المسألة على حالها ، في تزويج الابن جارية الأب ، فقال لها الأب : إذا مت فأنت حرة ، وقال لها الابن إذا مات أبي فأنت طالق ، فمات الأب نظر ، فإن مات وقيمتها تخرج من ثلثه ، عتقت على الأب ، وطلقت على الابن ، لأن عتق الأب لها يمنع من ملك الابن لها ، ولذلك وقع العتق والطلاق معا . وإن كان على الأب دين يحيط بها ويمنع من خروجها من ثلثه ، لم تعتق عليه ، لأن عتق المريض إذا لم يخرج من الثلث مردود ، فطلاقها على الابن معتبر باختلاف أصحابنا ، هل يملكها الابن إذا أحاط بها دين الأب فعلى قول أبي سعيد الإصطخري لا يملكها الابن ، فعلى هذا تطلق ، وعلى قول الجماعة قد ملكها الابن ، فعلى هذا في طلاقها عليه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي العباس : لا تطلق .
والثاني : وهو قول أبي حامد الإسفراييني : تطلق .