مسألة : قال الشافعي : " لا أعلم خلافا أنها إن طلقت نفسها قبل أن يتفرقا من المجلس وتحدث قطعا لذلك أن الطلاق يقع عليها فيجوز أن يقال لهذا الموضع إجماع " .
قال الماوردي : إذا جعل إليها طلاق نفسها فهو تمليك ، يراعى فيه تعجيل القبول ، والقبول أن تطلق نفسها فتملك بتعجيل الطلاق ما ملكها ، وإذا كان كذلك فقد قال الشافعي هاهنا : إن طلقت نفسها قبل أن يتفرقا من المجلس أو تحدث قطعا لذلك ، وقع الطلاق عليها ، فجعل وقوع الطلاق عليها مقيدا بشرطين : [ ص: 177 ] أحدهما : أن يكون قبل افتراقهما عن مجلسهما .
والثاني : أن يكون قبل أن يحدثا ما يقطع ذلك من قول أو فعل ، فلم يختلف أصحابنا أنها متى طلقت نفسها بعد افتراقهما عن المجلس ، لم تطلق ، ومتى طلقت نفسها في المجلس بعد أن حدث تشاغل بغيره من كلام أو فعال لم تطلق .
واختلف أصحابنا هل يكون خيارها ممتدا في جميع المجلس أو يكون على الفور ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو ظاهر كلامه هاهنا ، وفي " الإملاء " أنه ممتد في جميع المجلس ، فمتى طلقت نفسها فيه طلقت ، وإن تراخى الزمان .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي والمحققين من أصحابنا : أنه على الفور في المجلس ، لأنه قبول تمليك ، فأشبه القبول في تمليك البيع والهبة ، وإطلاق الشافعي محمول على هذا الشرط ، لأن أصوله مقررة عليه ، ولأنه ذكر الإجماع فيه ، أنها إذا طلقت نفسها على هذه الصفة ، كان إجماعا ولا يكون إلا أن يتعجل على الفور من غير مهلة .
وقال مالك في إحدى روايتيه : لها أن تطلق إلى شهر ، وفي الرواية الثانية : ما لم تمكنه من وطئها ، وكلا القولين مردود ومدفوع بما ذكرنا من التعليل .