الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كانت عند انقضاء الثلاثة أقراء مستبرئة بأن ظهر منها أمارات الحمل وشواهده ، ففي استباحة وطئها بهذه الأمارات وجهان يخرجان من اختلاف قوليه ، في نفقة الحامل المعتدة :

                                                                                                                                            أحدهما : يستبيح وطئها بأمارات الحمل اعتبارا بالظاهر وتغليبا لحكمه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يستبيح وطئها وهو على تحريمه لجواز أن يكون غلظا وريحا ولا يكون حملا صحيحا .

                                                                                                                                            والوطء المحظور لا يجوز أن يستباح بالشك ، فعلى هذا لها حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : ألا تضع حملا ، فالطلاق قد وقع من وقت العقد ، والعدة قد انقضت بالأقراء الثلاثة من بعد العقد ، فإن كان وطأها فهو وطء شبهة ، تعتد منه ثلاثة أقراء لا يملك فيها رجعة .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن تضع ولدا فلا يخلو من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن تضعه لأقل من ستة أشهر من عقد الطلاق فلا طلاق عليه لعلمنا بكونها حاملا عند عقده ، لأن الحمل لا يكون أقل من ستة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تضعه لأكثر من أربع سنين ، فالطلاق واقع والعدة منقضية بالأقراء الثلاثة ، لأن الحمل لا يجوز أن يستديم أكثر من أربع سنين فيتعين بذلك أنها [ ص: 147 ] كانت عند عقد الطلاق حاملا فإن كان وطأها قبل الحمل ، اعتدت بثلاثة أقراء ، لأنه وطء شبهة .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن تضعه ما بين ستة أشهر وأربع سنين ، فللزوج حالتان إحداهما ألا يكون قد وطئها في هذه المدة فيحكم لحملها بالتقدم ، ووجوده عند عقد الطلاق فلا يقع الطلاق

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون الزوج قد وطئها ، فينظر في وضع الحمل ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من وقت الوطء لأكثر من ستة أشهر من وقت العقد فهو حمل متقدم وقت العقد فلا يقع الطلاق ، وإن وضعته لأكثر من ستة أشهر من الوطء والعقد جميعا ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها تطلق تغليبا لحكم حدوثه لا بناء على يقين منه ، وفي شك في تقدمه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها لا تطلق لجواز تقدمه ، وتغليبا لحكم اليقين في بقاء نكاحه وإسقاطا للشك في وقوع الطلاق والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية