فصل : . فحاضت حيضتين طلقت ثلاثا ، بالأولى منهما طلقة : لأنها قد حاضت حيضة ، وبالثانية منهما طلقتين ؛ لأنها قد حاضت حيضتين . وإذا قال لها : إذا حضت حيضة فأنت طالق واحدة ، فإذا حضت حيضتين فأنت طالق اثنتين
ومثاله أن طلقت ثلاثا ، واحدة بأنه رجل وثانية بأنه شيخ وثالثة بأنه زيد ، ولو كلمت عمرا وإن كان شابا لم تطلق إلا واحدة بأنه رجل . ولو كان شيخا لم تطلق إلا اثنتين واحدة بأنه رجل وثانية بأنه شيخ ، ولكن لو قال لها : يقول : إن كلمت رجلا فأنت طالق واحدة ، وإن كلمت شيخا فأنت طالق واحدة وإن كلمت زيدا فأنت طالق واحدة فكلمت زيدا وكان شيخا لم تطلق ثلاثا إلا بثلاث حيض لأجل قوله . فيقع منهما بالحيضة الأولى طلقة ولا تطلق بالحيضة الثانية شيئا ، فإذا حاضت الحيضة الثالثة صارت مع الحيضة الثانية صفة لوقوع الطلقتين فتطلق حينئذ ثلاثا ، وإنما كان كذلك ، لأن " ثم " توجب التراخي والفصل ، والواو توجب الاشتراك والجمع ، فلذلك افترقا في هذين الموضعين . إذا حضت فأنت طالق واحدة ، ثم إذا حضت حيضتين فأنت طالق ثنتين
فصل آخر : ففيه لأصحابنا وجهان : إذا قال وله امرأتان : إذا حضتما حيضة فأنتما طالقتان
أحدهما : أنه علق طلاقهما بحيضة منهما ومستحيل أن يشتركا في حيضة واحدة ولا بحيض إحداهما : لأنها لا تكون الحيضة منهما فصار تعليق الطلاق بها لغوا فلم تقع . [ ص: 139 ] والوجه الثاني : أن الشرط صحيح وتعليق الطلاق به جائز ، ومعنى قوله : إذا حضتما حيضة أي إذا حاضت كل واحدة منكما حيضة فأنتما طالقتان ، والكلام إذا كان مفهوم المعنى وأمكن حمله على الصحة . وإن كان على وجه المجاز لم يجز حمله على الإلغاء والفساد ، فإذا حاضت كل واحدة حيضة كاملة طلقت طلاق السنة لوقوعه في أول الطهر وإن حاضت إحداهما دون الأخرى لم تطلق واحدة منهما . وأصل هذه المسألة : اختلاف المتقدمين من أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة فيمن قال لامرأتيه إذا ولدتما ولدا فأنتما طالقتان ، فذهب الربيع بن سليمان من أصحابنا . وأبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة إلى أنهما لا يلحقهما بالولادة طلاق : لأنه إن ولدت إحداهما لم يكن ذلك منهما وإن ولدتا معا لم يكن ذلك ولدا ، فلذلك لم تطلق واحدة منهما بولادتها ولا بولادتهما . وذهب أبو إبراهيم المزني ومحمد بن الحسن إلى أن تعليق الطلاق بهما صحيح والمراد به ولادة كل واحدة منهما ، فإذا ولدت إحداهما لم تطلق واحدة منهما ، وإن ولدتا معا طلقتا .