الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا رأت الحامل دما يضارع الحيض صفة وقدرا . فقال لها : أنت طالق للسنة أو قال : للبدعة . فهو على اختلاف قول الشافعي في الدم على الحمل . هل يكون حيضا أم لا ؟ فعلى قوله في القديم ، لا يكون حيضا ويكون دم فساد .

                                                                                                                                            فعلى هذا يكون كطلاق الحامل ذات النقاء ، إن قال لها : أنت طالق للسنة ، طلقت في الحال ، سواء كانت في حال الدم أو في وقت انقطاعه ، ولم يكن طلاق سنة . وإن قال أنت طالق للبدعة طلقت في الحال ولم يكن طلاق بدعة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو قوله في الجديد : أن دم الحامل إذا ضارع الحيض في الصفة والقدر كان حيضا . فعلى هذا إن قال لها أنت طالق للسنة نظر ، فإن كان بعد انقطاع حيضها طلقت ، وإن كان في وقت حيضها ففي وقوع طلاقها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنها لا تطلق فيه لكونه حيضا فصار كحيض الحائل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أكثر أصحابنا : أنها تطلق فيه بخلاف حيض الحائل : لأن الحائل تعتد بالطهر دون الحيض فلذلك صار طلاقها في الحيض بدعة .

                                                                                                                                            والحامل تعتد بوضع الحمل دون الطهر والحيض فلم يكن طلاقها في الحيض بدعة ، وعلى هذا لو قال لها وهي تحيض على الحمل أنت طالق للبدعة . فإن كان ذلك في حال حيضها طلقت في الحال وإن كان في حال طهرها فعلى ما ذكرنا من الوجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها تطلق في الحال إذا قيل : إن طلاقها في الحيض ليس ببدعة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها لا تطلق إلا في الحيض ، إذا قيل : إن طلاقها في الحيض بدعة فعلى هذا لو لم تر بعد طلاقه حيضا حتى ولدت طلقت في نفاسها بعد الولادة . لأننا قد أثبتنا على هذا الوجه حكم هذه الصفة فلذلك وجب انتظارها ، ولكن لا يختلف أصحابنا إن وطئها في طهرها على الحمل لا يكون الطلاق فيه طلاق بدعة وهذا يقتضي أن يكون طلاقها في الحيض لا يكون طلاق بدعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية