الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن خرج بواحدة بغير قرعة كان عليه أن يقسم لمن بقي بقدر واحدة ، إلا أوفى البواقي مثل مقامه معها مغيبه مع التي خرج بها ، ولو أراد السفر لنقلة لم يكن له أن ينتقل " .

                                                                                                                                            [ ص: 593 ] قال الماوردي : قد ذكرنا أنه إذا أراد السفر بواحدة منهن أن عليه أن يقرع بينهن ، فمن قرعت سافر بها لم يقض المقيمات مدة سفره معها ، فأما إن سافر بواحدة من غير قرعة ، فعليه أن يقضي المقيمات مدة غيبته معها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يقضي ؛ استدلالا بأن القسم يسقط عن المسافر ، ولو وجب عليه القضاء إذا لم يقرع لوجب عليه إذا أقرع كالحضر .

                                                                                                                                            ودليلنا : أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرع بين نسائه ، فلو سقط القضاء في الحالين لم يكن للقرعة معنى ، ولأنه لما افترق وجود القرعة وعدمها في الإباحة ، افترقا في القضاء ، ولأنه خص إحدى نسائه بمدة يلحقه فيها التهمة فوجب به القضاء كالمقيمة ، وليس لما ادعاه من سقوط القسم عن المسافر لما له من تركهن وجه ؛ لأن المقيم لو اعتزلهن جاز ، ولا يدل على سقوط القسم عنه كذلك المسافر ، ولأنه لو سافر باثنتين لزمه القسم لهما ، ولو سقط عنه بالسفر لم يلزمه ، فإذا ثبت وجوب القضاء عليه ، فوجوبه يكون بمخالطته للمسافرة ، وحلولها معه في سفره حيث يحل .

                                                                                                                                            فأما إن اعتزلها في سفره ، وأفردها بخيمة غير خيمته ، وفي مسكن - إذا دخل بلدا - غير سكنه ، فلا قضاء عليه ، ولا يكون قربه منها في السفر قسما يقضى كما لا يكون قربها في الحضر قسما مؤدى ، فلو خالطها شهرا واعتزلها شهرا قضى شهر مخالطتها ولم يقض شهر اعتزالها ، فإن اختلفوا في المقام والاعتزال ، فالقول قول الزوج مع يمينه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية