الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحال الثالثة : أن يريد السفر ببعضهن دون بعض ، فله ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل ذاك في أكثر أسفاره ، ولأنه لما جاز أن يسافر بجميعهن ، فأولى أن يسافر ببعضهن ، ولما جاز أن يترك جميعهن ، فأولى أن يترك بعضهن ، وإذا كان كذلك فليس له أن يتخير بعضهن للسفر إلا بالقرعة التي تزول بها عنه التهمة ؛ لما روته عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ، ولأنهن قد تساوين في استحقاق القسم فلم يجز أن يميزهن فيه من غير قرعة كابتداء القسم ، فإذا أقرع بينهن ليسافر بواحدة منهن ، فأيتهن قرعت سافر بها على ما سنذكر من صفة القرعة في بابها ، ولو راضاهن على السفر بواحدة منهن بغير قرعة جاز ، فإن امتنعن بعد الرضا من تسليم الخروج لتلك إلا بالقرعة ، كان ذلك لهن إذا لم يشرع في الخروج ، فإن شرع فيه وسافر حتى جاز له القصر ، لم يكن لهن ذلك ، واستقر حتى المتراضى سفرها وتعين ذلك لها ، ولو أراد الزوج بعد خروجها على المراضاة أن يردها بعد شروعه في السفر جاز ؛ لأن له أن يعتزلها في السفر ، فجاز له ردها من السفر ، وكذلك الخارجة منه بالقرعة ، ولو أقرع بينهن ، فقرعت واحدة منهن ، فقال الزوج : لست أريدها ، فإن قال ذلك ؛ لأنه لا يريد السفر بواحدة منهن جاز ، وإن قاله مريدا للسفر بغيرها لم يجز ؛ لأنه قسم قد تعين حقها بالقرعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية