الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وعلى ولي المجنون أن يطوف به على نسائه ، أو أن يأتيه بهن ، وإن عمد أن يجور به أثم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا كان للمجنون أربع نسوة ، وذلك بأن يتزوجهن في حال صحته ، ثم يطرأ عليه الجنون ؛ لأنه لو كان وقت العقد مجنونا ، لم يجز أن يزوج بأكثر من واحدة إن احتاج إليها ، فالقسم لنسائه واجب ، وإن كان غير مكلف ؛ لأنه من حقوق الآدميين ، فأشبه النفقة ، وإذا كان كذلك فعلى وليه أن يستوفي منه حقوق نسائه من القسم ؛ لأن فيه سكنا له ولهن ، ويفعل الولي أصح الأمرين من إفراده بمسكن يأمرهن بإتيانه فيه ، وبين أن يطيف به عليهن في مساكنهن ، فإن كان الزوج قد رتبهن في القسم ، وقدر زمان كل واحدة منهن أجراه الولي على ما تقدم من قسمه في الترتيب والتقدير ، وإن لم يتقدم الزوج لهن استأنف الولي بالقرعة من يقدمها منهن ، وقدر لها من مدة القسم ما يراه أصلح له ولهن ، ولا يزيد على ثلاث ، فإن عمد الولي أن يجور به في القسم أثم في حقه وحقوقهن ، ولا عوض لهن على ما فوت من قسمهن ؛ لأن المعارضة عليه لا تجوز ، فإن أفاق الزوج وقد جار به الولي نظر في جوره ، فإن كان يمنع الزوج من جميعهن ، فلا قضاء على الزوج بعد إفاقته ؛ لتساويهن في سقوط القسم ، ويستأنف الزوج لهن القسم ، وإن كان جور الولي به أن أقامه عند بعضهن ومنعه من باقيهن ، فعلى الزوج بعد إفاقته قضاء الباقيات بما فوته الولي عليهن من القسم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية