الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما توجيه القولين في الذي بيده عقدة النكاح ، فاستدل من نصر قوله في القديم أنه ولي الصغيرة ، وهو مذهب مالك من الآية بأربعة دلائل :

                                                                                                                                            أحدها : أنه افتتحها بخطاب الأزواج مواجهة ، ثم عدل بقوله : إلا أن يعفون إلى خطاب الزوجات كناية ، ثم أرسل قوله : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ، خطابا لمكني [ ص: 515 ] عنه غير مواجه ، والخطاب إذا عدل به عن المواجهة إلى الكناية اقتضى ظاهره أن يتوجه إلى غير المواجه ، والزوج مواجه فلم تعد إليه الكناية ، والزوجة قد تقدم حكمها ، ولفظ الكناية مذكر فلم يجز أن يعود إليها فلم يبق من يتوجه الخطاب إليه غير الولي .

                                                                                                                                            والدليل الثاني من الآية قوله : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ، وليس أحد بعد الطلاق بيده عقدة النكاح ، إلا الولي ؛ لأنه يملك أن يزوجها ، فاقتضى أن يتوجه الخطاب إليه ولا يتوجه إلى الزوج الذي ليس العقد إليه ، ليكون الخطاب محمولا على الحقيقة من غير إضمار ، ولا يحمل على مجاز وإضمار .

                                                                                                                                            والدليل الثالث من الآية : أن الذي يختص به الولي من النكاح أن يملك عقده ، والذي يختص به الزوج أن يملك الاستمتاع بعده ، فكان حمل الذي بيده عقدة النكاح على الولي الذي يملك عقده أولى من حمله على الزوج الذي يملك الاستمتاع بعده .

                                                                                                                                            والدليل الرابع من الآية : أن الزوج غارم للباقي من نصف الصداق في حق الزوجة تقبضه الكبيرة وولي الصغيرة ، فكان توجه العفو إلى مستحق الغرم أولى من توجهه إلى ملتزم الغرم ، ولأن الله تعالى إنما ندب الزوجة إلى العفو لما تحظى به من رغبة الأزواج فيها ، فاقتضى أن يكون ولي الصغيرة مندوبا إلى مثل ما ندبت إليه الكبيرة ليتساويا في عود الحظ إليهما بترغيب الأزواج فيهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية