الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في ثمر الشجر في الصداق ]

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وكذلك كل شجر ، إلا أن يرقل الشجر فيصير قحاما فلا يلزمه ، وليس لها ترك الثمرة على أن تستجنيها ثم تدفع إليه نصف الشجر لا يكون حقه معجلا فتؤخره إلا أن يشاء ، ولو أراد أن يؤخرها إلى أن تجد الثمرة لم يكن ذلك عليها ، وذلك أن النخل والشجر يزيدان إلى الجداد ، وأنه لما طلقها وفيها الزيادة كان محولا دونها ، وكانت هي المالكة دونه وحقه في قيمته ( قال المزني ) : ليس هذا عندي بشيء ؛ لأنه يجيز بيع النخل قد أبرت فيكون ثمرها للبائع حتى يستجنيها والنخل للمشتري معجلة ، ولو كانت مؤخرة ما جاز بيع عين مؤخرة ، فلما جازت معجلة والثمر فيها جاز رد نصفها للزوج معجلا والثمر فيها ، وكان رد النصف في ذلك أحق بالجواز من الشراء ، فإذا جاز ذلك في الشراء جاز في الرد .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا أصدقها شجرا غير مثمر فطلقها وقد أثمر ، فالكلام في ثمر الشجر كالكلام في ثمر النخل ، في كونه مؤبرا أو غير مؤبر ، على ما مضى .

                                                                                                                                            أما الشجر فهو على ثلاثة أضرب : [ ص: 443 ] أحدها : أن يكون غراسا غير مثمر فيصير شجرا مثمرا ، فهذه زيادة محضة ، فيكون حكمها حكم الزيادة التي لا تتميز ، فلا تجبر الزوجة على بذلها ، وإن بذلتها ففي إجباره على قبولها وجهان .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون شجرا مثمرا متكاملا فيرقل حتى يصير قحاما .

                                                                                                                                            والإرقال : التناهي في الطول ، والقحام : التناهي في العمر حتى قد ييبس سعفه ويخر جذعه ، فهذا نقصان محض لا يتميز ، ولا يجبر الزوج على قبوله ، وإن رضي به ففي إجباره الزوجة على بذله وجهان .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يكون غراسا غير مثمر فيصير قحاما غير مثمر ، فهذه زيادة من وجه ، ونقصان من وجه ، فأيهما دعا إلى نصف القيمة أجيب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية