الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقررت هذه الجملة ، فإن قلنا : إن الصداق لا يبطل بتلف الثوب ، فلها أن تأتيه بثوب مثله حتى يخيطه .

                                                                                                                                            وإن قلنا : إن الصداق قد بطل بتلف الثوب ، ففيما ترجع به عليه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو القديم - : أجرة المثل .

                                                                                                                                            والثاني - وهو الجديد - : مهر المثل .

                                                                                                                                            فلو كان الزوج على سلامته والثوب باقيا ، فطلقها ، كان كما لو طلقها ، وقد أصدقها تعليم القرآن ، فيكون على ثلاثة أقسام .

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون قد خاط لها جميع الثوب ، فلا يخلو حال الطلاق من أن يكون قبل الدخول أو بعده .

                                                                                                                                            فإن كان بعد الدخول : فقد استكملته واستوفته ، فلا تراجع بينهما .

                                                                                                                                            وإن كان قبل الدخول : فقد ملك الزوج نصف الصداق ، وقد استوفت جميعه ، فيرجع عليها بنصف أجرة الخياطة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ألا يكون قد خاطه ولا شيئا منه .

                                                                                                                                            فإن كان الطلاق بعد الدخول : أخذ الزوج بخياطة الثوب .

                                                                                                                                            وإن كان قبل الدخول : فإن كانت خياطة الثوب تتجزأ أو تتبعض ، أخذ الزوج بخياطة نصفه ، وإن كانت لا تتجزأ لم يؤخذ بخياطته ، وكان فيما يلزمه لها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : نصف أجرة المثل .

                                                                                                                                            والثاني : نصف مهر المثل .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون قد خاط بعضه ، وبقي بعضه .

                                                                                                                                            فإن كان الطلاق بعد الدخول أخذ بإتمام خياطته .

                                                                                                                                            وإن كان الطلاق قبل الدخول فلها نصفه ، فيراعى قدر ما خاطه ، وحال تجزئته وتبعيضه ، ويراعى فيه ما روعي في تعليم القرآن من اعتبار أقسامه الثلاثة في أن خياطة البعض إما أن يكون النصف ، أو أقل من النصف ، أو أكثر من النصف ، فيحمل على ما تقدم جوابه . وبالله التوفيق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية